هل يمكننا الادعاء أن الحضارة الإنسانية على مر العصور، تمكنت من فك كل أسرار وشفرات الكون والتعرف على قوانينه كاملة؟ لا شك أن الإجابة «لا»، ولعل من المهم القول إن ثمة قوانين كونية مما يعرفه قليل من البشر يخرج عن أحكام الكون وقوانينه، ومع ذلك تبقى حقيقة دامغة لا يمكن التشكيك فيها لمجرد عدم فهمنا لها أو لأنها لم تتصل بشكل مباشر يحاكي حواسنا المادية، ومن ذلك «الغيبيات»، نؤمن بها رغم أن حواسنا المادية ولا يمكنها فهم كيفية عملها في الكون، وأيضاً ما يترتب على العبادات والسلوكيات البشرية من ثواب وعقاب، فلا نعلم مثلاً كيف يعمل الدعاء لله ولكننا نؤمن أن الله يستجيب ويحقق كثيراً من دعواتنا، ولا نعلم عن الطريقة التي تكفينا حاجاتنا الكثيرة بموارد قليلة فيما لا تفي كثير من الموارد قليلاً من الاحتياجات لدى آخرين، ولكننا نؤمن بالبركة كجندي من جنود الله إن حلت زادت في الرزق وإن بعُدت محق الله الأرزاق..!! كلها أمور تبدو خارجة عن المنطق البشري والقوانين الكونية المادية الحاكمة التي نعرفها كالفيزياء والكيمياء والرياضيات، ولكنها تبقى حقيقة ولا يمكن نكرانها لدى السواد الأعظم من البشرية. ومن الأمور الخارجة عن أحكام العقل وقوانينه ولكنها حقيقة ينبثق علم الطاقة الحيوية، ولنا فيه تفصيل مقتضب اليوم.

اعتدنا في مواقع التواصل الاجتماعي على تلقي دعوات إضافة متكررة ممن يدعون أنهم شيوخ روحانيون وقادرون على جلب المال والحبيب وغيرها من الأشياء، وغالباً ما تثير تلك الدعوات مخاوفنا من الاتصال بهؤلاء فنقرر حظرهم فوراً من حساباتنا، وهو تصرف أؤيده بشدة، ولكن ما أود الإشارة إليه هنا أننا أصبحنا نخاف من كلمة روحانية لارتباطها بأمور شيطانية نعلمها ونسميها سحراً، ورغم أننا اعتدنا على تسمية خوارق الظواهر الخارجة عن العقل سحراً «عن قصد أو مجازاً»، إلاَّ أننا لا ننكر حقيقة السحر باعتباره طاقة سلبية من الطاقات الحيوية التي نتحدث عنها. ولكن ما أود الإشارة إليه في هذا السياق أن ليس كل خارج عن منطق العقل هو بالضرورة سحر وهو ما يوجب التمييز أحياناً، فالطاقة في مجملها أمر لا يفقهه العقل البشري وفق المعطيات المادية، ويحتاج للتعاطي معه جرعات من السمو الروحي، وما زلنا هنا نتحدث عن الروح والروحانيات، ولكننا نعقدها بلفظة السمو أو الصفاء أو ما شاكلها من ألفاظ وممارسات تمنحها قدسية تليق بما ترتبط به، وأعني بذلك الارتباط الروحي مع الخالق وعيش تجربة روحية لم نتعلمها بما يكفي مع الخطاب الديني الذي تربينا عليه والقائم على الترهيب أكثر من الترغيب، وعلى مبدأ الإلزام والإجبار في ممارسة العبادات والانضباط السلوكي دون الوقوف على تفسير أو تبيان للمغزى وراء هذه الأشياء وكأننا نضرب بسياط «قال الله وقال الرسول» بينما الدين أوسع من ذلك وأرحم وأحبّ. وبينما كان الدين يدعو للسلام في أصله إلاّ أن السلام لم يكن من مقومات الدعوة الإسلامية لدى الغالبية..!!

* اختلاج النبض:

الطاقة الحيوية نوعان: سلبي وإيجابي، والعالم الروحاني الذي نخشاه، إنما هو جانب يمكن اللجوء إليه والتحصن به بأمان شديد إن كان فيه تمسك بحبل الله المتين على هدى وسلام ومبني على الحب قبل التعرض لسياط الداعين إلى الدين جهلاً.