من بديهيات دورة حياة الأزمات أو الكوارث هي مرحلة النشوء والتي تبدأ بعدد من المؤشرات التحذيرية التي تنبه لإمكانية وقوع أزمة أو كارثة، تأتي بعدها مرحلة ظهور الأعراض الأولية للأزمة تعقبها مباشرة ظهور الأزمة، ويأتي بعدها مرحلة انفجار الأزمة وتفشيها وتنتهي بانحسار هذه الأزمة أو الكارثة.

وهذا بالضبط ما حدث مع كارثة انتشار فيروس كورونا.. حيث أعلنت السلطات الصينية عن اكتشافها لفيروس جديد.. وبعدها أعلنت بأن هذا الفيروس سريع الانتشار.. بعدها أعلنت عن حالات متكررة للإصابة بأعراض هذا الفيروس، بعدها أكدت على إصابة العديد من السكان بهذا الفيروس، طبعاً الموضوع لم يأخذ وقتاً كبيراً لاتخاذ إجراءات حازمة، فإعلان مدينة وواهان الصينية منطقة موبوءة وتعليق الدراسة والمواصلات العامة فيها جاء بسرعة فائقة، كإجراء حاسم لتقليل فرص انتشار المرض. تبعه إعلان لإغلاق مدينة وواهان الصينية ومنع مغادرتها لمن يقطن فيها ومنع السفر إليها بشكل كلي.

تعلم الصين حجم الخسائر الاقتصادية التي ستتعرض لها ولكنها اتخذت إجراءات حازمة للحد من تفاقم هذه الأزمة... وكلنا كمتابعين لتطور هذا الفيروس كنا نرى الدول تأخذ إجراءات احترازية كمنع السفر للمناطق الموبوءة أو عدم استقبال الرحلات الجوية القادمة من بعض الدول الذي انتشر فيها الوباء..

وللأمانة فإن منظمة الصحة العالمية أخذت خطوات جبارة للإعلان عن أي حالة إصابة في أي من دول العالم.. مما جعلنا على وعي من احتمالات وصول الفيروس إلى البحرين.. لا سيما عندما تم إعلان ظهور إصابات متكررة في مدينة قم الإيرانية.

فما هي الإجراءات التي اتخذتها لجنة الكوارث في مملكة البحرين بناء على هذه المعلومات؟؟

قامت وزارة الصحة بالتأكيد على جاهزيتها للتعامل مع أي حالة يشتبه فيها.. وقامت بنشر الإعلان التوعوي الإرشادات تقليل انتقال العدوى وبثه عبر مختلف الوسائل..

وظهر خبر من إدارة الأوقاف الجعفرية يذكر فيه على استحياء تنبيه شركات السفر والسياحة والمواطنين بتجنب السفر لإيران.. وفجأة ننصدم بأن هناك سائق حافلة قام بتوصيل عدد من الطلبة إلى مدارسهم وهو مصاب بفيروس كورونا!!! كيف حدث ذلك؟؟ اختلفت التأويلات وخفت الحس الرسمي المسؤول عن توفير الإجابة على هذا السؤال!!

بالطبع عشنا نحن أولياء الأمور أسوأ شعور، فما بين مهدئ ومروع بتنا في حالة لا نحسد عليها..

أمتنع العديد من أولياء الأمور عن إرسال أبنائهم للمدارس، وارتفعت الأصوات مطالبة وزير التربية باتخاذ قرار حاسم لرفع الدوام المدرسي لحين استتباب الأمر، إلا أن حكمة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، جاءت حاسمة في الموضوع، فتم الإعلان عن منع السفر إلى إيران ورفع الدوام المدرسي..

خفض هذا القرار الحاسم، الرعب الذي سكن قلوب المواطنين والمقيمين بشكل كبير، وهذه هي الطرق التي يتم في تحجيم الأزمات..

فالأزمات لا تحتاج إلى مسؤول متردد، لا تحتاج إلى مسؤول يذكر أنصاف الحقائق على استحياء، لا تحتاج إلى مسؤول يجامل على حساب الوطن وأمن مواطنيه!! بل تحتاج إلى قائد يتخذ قرارات حاسمة، وأن يكون شفافاً في شرح الوضع الراهن للأزمة وحجمها، ويحتاج إلى قائد يقدم مصلحة الوطن والمواطن على جميع الأمور الاقتصادية.. وهذا ما قام به سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد.

* رأيي المتواضع:

نحمد الله أننا نعيش في مجتمعات متراصة متلاحمة.. نقيم الصلاة فيها جماعة.. نصل أرحامنا بشكل يومي.. ونؤدي الواجب في المناسبات الاجتماعية.. نشيع السلام بيننا بالمصافحة والاحتضان والتقبيل.. فهل من الممكن أن نعمم إجراءات لوقف بعض هذه المظاهر لحين انحسار الأزمة؟؟