يعد تشكيل اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق خطوة ملكية غير مسبوقة أكدت حرص حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى على التوصيات بأقصى درجات الشفافية لطي صفحة الماضي وتجاوز آثار الأحداث المؤسفة التي ألمت بالبلاد وفتح صفحة جديدة تعزز وحدة الصف البحريني وقيم التسامح والتآخي بين أبناء الوطن الواحد. وبرهنت اللجنة التي أنشئت بموجب الأمر الملكي رقم (28) الصادر عن عاهل البلاد المفدى للعالم أجمع مدى تقبل مملكة البحرين لما جاء في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وحرص المملكة الشديد على ترجمتها إلى برامج عمل ونصوص ومشروعات تطبق على أرض الواقع لتقول لدوله قاطبة مدى احترامها لحقوق الإنسان والالتزام بمبادئه ومواثيقه. وأنيطت بهذه اللجنة التي جاء تشكيلها بأمر سامٍ في 26 نوفمبر الماضي برئاسة علي الصالح رئيس مجلس الشورى مهمة النظر في القوانين والإجراءات التي طبقت في أعقاب أحداث فبراير ومارس العام الماضي ووضع تشريعات جديدة تنفيذاً لتوصيات الإصلاح التشريعي ومتابعة تنفيذها والوقوف على سير تطبيقها على أرض الواقع أولاً بأول. وحظي أمر تشكيلها السامي آنذاك باهتمام محلي وعالمي باعتبارها خطوة غير مسبوقة وإضافة تاريخية جديدة ترجمت احترام البحرين لتعهداتها والوفاء بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها لاسيما وأنها تأتي أيضاً تنفيذاً للتوصية رقم (1715) من توصيات تقصي الحقائق التي قبلتها البحرين بشجاعة مطلقة دون تردد. المضي في المشاريع الإصلاحية ومما لا يدع مجالاً للشك فقد برهن تشكيل هذه اللجنة عزم مملكة البحرين على المضي قدماً في مشاريعها الإصلاحية وتحديث قوانينها وأنظمتها المختلفة لتواكب روح العصر وقدمت دليلاً قاطعاً عن مدى حرص الحكومة على مواصلة مسيرة التطوير والتحديث التي تعد ثمرة من ثمار المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى. وأكدت أيضاً تجاوب حكومة البحرين التام مع توصيات تقصي الحقائق حيث أشاد رئيس اللجنة البحرينية المستقلة البروفيسور محمود بسيوني باستجابة الحكومة للتوصيات، مشيراً إلى أن الحكومة وبناء على توجيهات صاحب الجلالة الملك عاهل البلاد المفدى متجاوبة بشكل تام وكامل مع توصيات تقصي الحقائق، مؤكداً في السياق ذاته تنفيذ عدد كبير منها وفي مقدمتها تشكيل لجنة متابعة تنفيذ التوصيات. ولعبت اللجنة منذ اللحظة الأولى لتشكيلها دوراً مهماً في تسريع وتيرة تنفيذ التوصيات والمساهمة الفعلية في إخراجها إلى حيز الوجود وساهمت في إحراز تقدم سريع وملحوظ في تطبيق وتنفيذ التوصيات بفضل ما أبدته الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء من التزام وتعاون تام معها للمضي قدماً في تنفيذ التوصيات وترجمتها إلى واقع ملموس. ولضمان عدم تكرار الأحداث المؤسفة التي وقعت في المملكة العام الماضي وألقت بتداعياتها على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية قامت اللجنة باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير وتطوير المقترحات ذات الصلة لإجراء التعديلات الضرورية واللازمة على القوانين والأنظمة والتشريعات المختلفة لكي تواكب روح العصر وتلبي مسيرة البحرين الإصلاحية وتصون وحدتها الوطنية. ورغم محاولات صرف النظر بعيداً عن الجهود التي تبذلها اللجنة والنتائج الفعلية التي حققتها حتى الآن ولم يتوقع أحد حصولها في هذا الوقت القياسي اجتهدت اللجنة في عملها وفق معايير الشفافية الدولية والنزاهة لمتابعة التنفيذ وساعدها الالتزام والتعاون الحكومي على تحقيق غاياتها المنشودة والمتمثلة في تطبيق الغالبية العظمى من التوصيات بشكل كامل وفعلي ومنها: إعادة إعمار دور العبادة، إعادة مفصولي القطاع العام لأعمالهم، إعادة جميع الطلاب المفصولين إلى الجامعة، تهيئة أجواء إعلامية منفتحة، إسقاط كافة التهم المتعلقة بحرية التعبير، تسجيل سمعي ومرئي لكافة المقابلات الرسمية مع الأشخاص الموقوفين، وضع برامج تعليمية وتربوية في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية لتشجيع التسامح الديني والسياسي، إنشاء وحدة التحقيق الخاصة في جرائم التعذيب والمعاملة المسيئة وغيرها. ومع قرب انقضاء الفترة الزمنية المحددة لعملها، تكون اللجنة -وهي لجنة مستقلة تماماً ومحايدة وتضم شخصيات مرموقة من الحكومة والأحزاب والمجتمع المدني- قد أنجزت غالبية مهامها وأعمالها وقد شارفت على الانتهاء منها بشكل تام. ولتحقيق الغاية المنشودة من ورائها وبناء على حجم المراسلات التي تلقتها خلال الأيام القليلة الماضية والتي تتطلب مراجعة شاملة من قبلها للتحقق من مدى توافق الإجراءات المتخذة لتنفيذ التوصيات مع أفضل المعايير والممارسات الدولية وافق صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى على تمديد عملها لـ20 مارس الجاري حتى يتسنى لها مراجعة كافة الإجراءات المتخذة وإعداد تقريرها النهائي الذي سيتم رفعه إلى جلالته وسيتضمن ما أنجزته طوال فترة عملها ليكون بمثابة لبنة قوية في بناء وطننا العزيز. التفسير القانوني للتحريض وفي إطار مهامها كانت اللجنة قد خاطبت الحكومة لإعداد مشروع قانون يتم تقديمه للنائب العام للتحقق من ادعاءات التعرض للتعذيب وأي شكل آخر من أشكال المعاملة غير الإنسانية أو العقاب فضلاً عن أي إجراء تهذيبي غير احترافي والسماح للسلطات بدراسة وطلب مساعدة الخبراء المستقلين في مجال الطب الشرعي تحت الإشراف الكامل لمكتب النائب العام. وسعت لمنح الجهات المختصة سلطة تقديم التفسير القانوني لمادة “التحريض على الكراهية والعنصرية” بالتوافق مع المعايير الدولية تنفيذاً للتوصية رقم 1724 - ج والمتعلقة باتخاذ الإجراءات اللازمة بما في ذلك التشريعات لمنع التحريض على العنف والكراهية والعنصرية وهو ما يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان التي تحميها المواثيق الدولية.كما طلبت تفسيراً قانونياً لعبارة “هيئة مستقلة وحيادية” الذي تضمنته التوصية رقم (1722 – أ)، التي تقوم بالتحقيق في جميع حالات الوفاة التي نسبت إلى قوات الأمن وفقاً لمبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة وهذا ينطبق أيضاً على جميع ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة. وعملت اللجنة مع الحكومة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق التوصية رقم 1722 (هـ، و، ز، ح، ط، كـ، ل) وغيرها من التوصيات الأخرى. ودعت الحكومة لإعداد برامج للمصالحة الوطنية وفقاً لما نص عليه البند (ب) من الفقرة (1725)، مع مراعاة الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والاستعانة بخبرات دولية في هذا الشأن مع مراعاة مبادئ حقوق الإنسان والمبادئ الدستورية. وطيلة فترة عملها الشاق والمضني -على سبيل المثال لا الحصر- قامت بمراجعة الإجراءات للتحقق من دعاوى التعرض للتعذيب والمعاملة غير الآدمية كما جاء في التوصية رقم 1719 من تقرير لجنة تقصي الحقائق، حيث تم اتخاذ الإجراءات المناسبة بخصوص ذلك والمتمثلة في إحالة المتهمين بالتعذيب إلى المحاكمة. وأولت الحكومة التعاون مع اللجنة اهتماماً بالغاً لتسهيل مهمتها المكلفة بها من لدن عاهل البلاد المفدى وذلك من منطلق حرص الحكومة الأكيد على تنفيذ التوصيات حيث أشادت اللجنة بالالتزام بشكل تام بتنفيذ التوصيات حسبما أظهرته المخاطبات وتقارير المتابعة التي تتلقاها اللجنة بشكل دوري من قبل الحكومة حال تنفيذ أي توصية بشكل كامل أو جزئي مثمنة استجابة الحكومة لاقتراحاتها المختلفة منها الاقتراح الذي تقدمت به في سبيل تنفيذ التوصية (1719) بإصدار تشريع لحماية الضحايا والشهود والخبراء والعمل على وضعه في صورة مشروع قانون لعرضه على السلطة التشريعية بأقرب وقت ممكن. بدوره أشاد رئيس مجلس الشورى على الصالح رئيس اللجنة في تصريحات صحافية سابقة بالتعاون الذي أبدته الحكومة مع اللجنة، مؤكداً أن اللجنة لمست من خلال هذا التعاون جدية وتصميماً من قبل الحكومة الموقرة على تنفيذ التوصيات، مؤكداً أن تشكيل لجنة المتابعة كان قراراً شجاعاً لجلالة الملك المفدى وغير مسبوق على المستوى العربي وهو ما يؤكد وجود رغبة صادقة وحقيقية لإنهاء مرحلة ما كان أحد يتوقع أن تمر بها البحرين التي لطالما تميزت بطبيعة شعبها المسالم. وأكد الصالح أن الجدية في تنفيذ توصيات اللجنة عبر عنها جلالة الملك المفدى حال صدورها وتحت مظلة توجيهاته تعمل الحكومة بجهد لتطبيقها على أرض الواقع وحتى اليوم يمكن القول ومن خلال ما لمسناه من تعاون من جانب الحكومة إن خطوات تنفيذ التوصيات تسير بشكل متسارع، حيث يفوق المنجز منها ما هو متبقّ فكل التوصيات تمت دراستها من قبل اللجنة وقد اتخذت إجراءات وخطوات فعلية لتنفيذها وذلك وفقاً لما تشير إليه تقارير المتابعة التي تزودنا بها الحكومة المتضمنة آخر المستجدات المتعلقة بتنفيذ التوصيات.