تحدثت في مقالي السابق عن إيماني المطلق بأهمية توثيق ما يمر علينا من أزمات سواء أكانت صحية أو سياسية أو اقتصادية. لأخذ العبرة منها وتناقلها ومشاركتها مع الأجيال القادمة sharing knowledge، وفي رأيي المتواضع بأن توثيق هذه المراحل هي حق أصيل للأجيال القادمة من مبدأ حفظ المعلومات.

وثق لنا التاريخ مراحل كثيرة مر بها العالم منها الحروب العالمية أو بعض الأزمات التي مرت على الشعوب، وها نحن نرجع لتلك المراجع بين الفينة والأخرى لنتعلم منها على الرغم من تغير العصور والأزمنة إلا أن هذا التوثيق يظل شاهداً على العصر..

فكم هو جميل أن تعرف الأجيال القادمة بأن الحكومة البحرينية هي من تعاملت مع أزمة تفشي وباء الكورونا فقط.. ولربما يرى الكثيرون أن هذا هو دور «الحكومة» ومن البديهي أنها تقوم بإصلاح أي شيء عطب!!! وأن تتعامل مع مختلف الأزمات، متغافلين أن مؤسسات أخرى هي جزء أصيل ولابد أن تشارك الدولة في المسؤولية.

فأين هي مؤسسات القطاع الخاص التجاري والاقتصادي، والمواطنون، ومن لعب دورهم الحيوي في أوقات الأزمات!!!

هل سمعنا عن مجموعة من التجار قاموا بتوفير محاجر طبية مثلاً!! هل سمعنا عن مجموعة من التجار قاموا بتوفير معدات طبية مثلاً!! هل سمعنا عن مجموعة من التجار تعاونوا من أجل إجلاء الرعايا البحرينيين في الخارج بالتعاون مع الحكومة!!! أين أنتم؟؟ أولستم أنتم أول من يطالب الدولة بمراعاته وتوفير أرضية خصبة لمشاريعه التجارية والصناعية لكي ينمو اقتصادياً!! أين أنتم؟؟ أولستم أنتم من تطالعوننا عبر وسائل الإعلام بأرباح صافية تتجاوز الملايين!! أين أنتم؟؟ أولستم ذراعاً هاماً للدولة؟؟

فليشهد التاريخ أن هذه الأزمة لم يشترك فيها القطاع الخاص الاقتصادي والتجاري بل ظل متفرجاً.. بل بدأت بعض الأصوات ترتفع مطالبة الحكومة بمساعدتها نتيجة الأضرار الاقتصادية المصاحبة لأزمة تفشي كورونا!!

أما بالنسبة للمجتمع المدني فلقد كانت هناك جهود بسيطة فردية لعدد بسيط من الشباب البحريني في توزيع كمامات طبية ومواد التعقيم والتنظيف على بعض أفراد المجتمع. وكم أتمنى أن يتم رصد هذه التحركات البسيطة وتوثيقها للتاريخ أيضاً..

أما الجمعيات التخصصية فقد خفَتَ صوتها.. أو بمعنى أكثر دقة لم نسمع لها صوتاً!! فأين هي جمعية الأطباء البحرينية؟؟ ماذا كان دورها في أزمة تفشي وباء كورونا؟؟ ماذا قدمت للمجتمع والوطن؟؟

الغريب في الأمر أن هذه الجمعية تحديداً كان لها صوت غليظ في الأزمة السياسية 2011.. فأين هو صوتها من أزمة تخصصية ذات صلة وثيقة بتخصصها!!

هل قدمت مقترحات؟؟ هل قدمت متطوعين؟؟ هل قدمت دراسات؟؟ هل قدمت أي نوع من المساعدة التخصصية؟؟

أين أنتم؟؟ لماذا لم نرَ لكم أي حراك مجتمعي؟؟

أين باقي الجمعيات؟؟ لم لم تتحرك مجتمعياً من أجل المساعدة؟؟ أين جمعية المعلمين من هذه الأزمة؟؟ أين هو صوتها؟؟ لِمَ لم تساهم في إيجاد حلول للعملية التعليمية في فترة انقطاعها كإجراء احترازي لحماية أبنائنا الطلبة؟؟ كم عدد المعلمين المتطوعين لابتكار أفكار تسيير العملية التعليمية عن بعد.. أم أن هذه الجمعيات لا تنشط إلا في المواضيع السياسية؟؟ أين أنتم؟؟ أولستم ذراعأً مدنياً للعملية التعليمية؟؟ أين أنتم؟؟ اوليس لكم دور في وضع الاستراتيجيات التعليمية أوقات الأزمات؟؟

* رأيي المتواضع:

تعودنا أن نعلق كل شيء على شماعة «الحكومة»، متغافلين أن لكل فرد وكل قطاع دوراً حيوياً في المجتمع.. وأن نظام الدولة قائم على وجود مؤسسات لها أدوار هامة لاسيما في أوقات الأزمات.. ومواطنين يجب أن يتحلوا بروح المسؤولية في أوقات الأزمات..

تمدد الحكومة الإجازة المدرسية لحماية أبنائنا من تفشي وباء كورونا.. فيخرج لنا نفر غير مسؤول ليلقي مسؤولية كل شيء على الحكومة.. بدأ بسؤال «غير منطقي» وهو من يرعى أبنائي في الفترة الصباحية التي أكون فيها في العمل؟؟.. انتهاء لماذا ندفع الرسوم المدرسية لفصل دراسي غير مكتمل طبعاً هذا بالنسبة للتعليم الخاص والحضانات!!! ويطالبون الحكومة بالتدخل!!! حتى في موضوع دعوة أولياء الأمور متابعة تعليم أبنائهم في فترة انقطاع الدراسة.. نرى العديد يقولون إن هذا ليس «دورنا»!! يجب على الحكومة أن تتصرف!! حتى الرعايا البحرينيين الموجودين في عدد من الدول الموبوءة.. والذين يشتكون بأن أموالهم نفدت.. لم نسمع عن تكافل مجتمعي لمساعدتهم!! أين الصدقات؟؟ أين الزكوات؟؟ أين التكافل المجتمعي؟؟ من قبل المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني!

لكل قطاع في المجتمع دور محوري في أي أزمة أو محنة نمر بها، ولكل مواطن مسؤولية أيضاً في مثل هذه الأوقات الحرجة.. أتمنى أن نوثق هذه الأزمة بكل ما حدث فيها وأن نؤكد خلال التوثيق بأن «الحكومة البحرينية هي من قامت باحتواء الأزمة دون أي معاونة تذكر من قبل بعض مؤسسات المجتمع المدني والتجاري والاقتصادي».