تعلمنا من الابتلاءات الجمعية أن ثمة قواسم مشتركة في هذا الوطن لا يمكن أن تذوب أو تنصهر لأي سببٍ أو عارضٍ كان، وأن المعوّل عليه في كل أزمة أو ابتلاء نمر به هو وعي المواطن البحريني وشعوره العالي بالمسؤولية الوطنية التي تتلاشى عندها «الأنا» والمصالح الشخصية.

وفي هذه الأزمة المتعلقة بفيروس كورونا (كوفيد 19) التي تمر بها البحرين اليوم حالها في ذلك حال جلّ دول العالم، فإن الشعب البحريني في مجمله – إلا ما رحم ربي – تعامل مع الوضع على نحو واعٍ ومسؤول من خلال اتباع الإجراءات المطلوبة والأخذ بنصائح الجهات المعنية.

وعلى الرغم من حالة القلق التي أثارتها بعض الرسائل الإلكترونية المتداولة إلا أن التعاطي معها في غالب الأحيان كان إيجابياً ومسؤولاً، بحيث عمد الكثيرون إلى الحد من تداولها وعدم منحها فرصة التأثير أو الحطّ من الحالة المعنوية العامة.

وبالمقابل، كان الأداء الحكومي حيال الأزمة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، على مستوى عالٍ من الثقة سواء من خلال وجود سموه المكاني في غرفة العمليات التابعة للفريق الوطني للتصدي لفيروس كورونا (كوفيد 19) في مركز ولي العهد للتدريب والبحوث الطبية بالمستشفى العسكري، وهو موقع إدارة الأزمة، الأمر الذي أثار مشاعر الارتياح والاطمئنان لدى عموم الناس، أو من خلال الإجراءات الطبية المتبعة والمتوافقة مع ما هو معمول به عالمياً، أو من خلال الإعلام والتثقيف الصحي، أو عبر توفير المعلومات الداحضة لجملة الشائعات المألوف انتشارها في مثل هذه الحالات.

وإذا كان انتشار الشائعات في أوقات الأزمات أمراً متوقعاً ومألوفاً، فإننا بالمقابل نتمنى على كل مواطن أن يتحلى بروح المسؤولية التي تحتم عدم نشرها، فلو وقفت الشائعة عند أول من تصله لما كان لها أن تنتشر وتثير البلبلة خاصة إذا كان الأمر متعلقاً بالأمن القومي والصحي.

وبالمقابل، يجب أن ينشط دور الإعلام المسؤول الواعي الذي ينقل الحقائق أولاً بأول للجمهور جنباً إلى جنب مع الاضطلاع بدور المثقف والموعي والمرشد وقائد الرأي العام وموجهه.

أما الصيدليات والمحال والبرادات الكبرى التي استغلت وتستغل الوضع للإثراء غير المشروع وتبيع سلعها بأسعار أعلى على حساب أبناء الشعب مستغلة الظرف والأزمة، فيجب أن تعلن أسماؤها ويشهر بها وتتم مقاطعتها وتحاسب لتكون عبرة لغيرها، فالتاجر الذي يتلاعب ويتاجر بمخاوف الناس ومعاناتهم في وقت الأزمات، لا يستحق أن يأكل ويتربح من جيوبهم.

وهذا أحد دروس مثل هذه الأزمة وبطلها «فيروس» - كائن لا يرى بالعين المجردة، وسينقضي الأمر إن آجلاً أو عاجلاً بقدرة الله ولطفه، ولكنه يعلمنا دروساً لا يمكن للبشرية أن تنساها وأعظمها أن الله جلّ جلاله قادر على إهلاك هذا الكون رغم كل ما بلغه من تطور وتعقيد رهيب ومتسارع.. في طرفة عين وبكائن «وحيد الخلية»!

ولأن فيروس كورونا (كوفيد 19) - كما قال سمو ولي العهد - لا يفرق بين عرق أو دين أو طائفة فإننا جميعنا معنيون بالتكاتف والتعاون حتى يزول خطره وتمر الأزمة بسلام، وإننا على أهبة الاستعداد للتطوع في أي فريق قد ترتئي الجهات المعنية تشكيله لمجابهة هذا الوباء وغيره كل في مجال اختصاصه ومقدرته.. فكلنا جنود هذا الوطن ورهن إشارة قائدنا ووالدنا ومليكنا.

وبوعي كل فرد منا في هذا المجتمع واضطلاعه الكامل بمسؤولياته نكون جميعاً أعضاء في الفريق الوطني للتصدي لفيروس كورونا (كوفيد 19)، لأن هدفنا جميعنا واحد وهو المحافظة على بحريننا آمنة.. مستقرة.. صحية.. ومعافاة.

ختاماً، خالص التحايا وأجمل عبارات الشكر والتقدير والثناء لإخوتنا العاملين في مختلف القطاعات المعنية بالتعامل مع أزمة فيروس كورونا (كوفيد 19)، وفي مقدمتهم العاملين في القطاع الصحي الذين يقاتلون الآن على الجبهات الأمامية في سبيل إنقاذ حيوات الناس وتأمين استقرار الوضع الصحي العام.

تحية لكل طبيب وملاك رحمة وضعوا أرواحهم على أكفهم وواصلوا النهار بالليل لينقذوا حياة إنسان.. وتحية لكل العاملين بالمنافذ والشرطة والجيش الذين تركوا عوائلهم وراءهم وأحبتهم ليلبوا نداء الوطن، ولم يقيموا في سبيل ذلك لحياتهم وزناً على ميزان الولاء والوطنية.

وتحية لكل إعلامي نزيه حرص على متابعة الحدث أولاً بأول وجد واجتهد من أجل الحصول على المعلومات والتوصل إلى الحقائق لتبينها وتوصيلها للرأي العام دون تشويه أو تزييف أو إثارة، مؤمناً بأهمية دوره كقائد رأي ومضطلع وحريص على مسؤوليته المجتمعية.

تحية لكم.. وشكراً لكم فرداً فرداً..

* سانحة:

قد تمرض الأوطان.. قد تضعف.. وقد تشيخ لكنها أبداً لا تموت..

فإن مرض الوطن كان شعبه دواءه..

وإن ضعف الوطن كان أبناؤه عموده وقوته..

وإن شاخ كان شبانه عماده وعكازه..

استودعناك يا الله بحريننا وأهلها، أمنها وأمانها، ليلها ونهارها، أرضها وسماءها، فاحفظها يا رب بعينك التي لا تنام.