إبداع الحكومة باستخدام أدواتها عبر الحزم المالية (2-2)

..

وفق التوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، لتوحيد الجهود الوطنية لمواجهة انعكاسات الانتشار العالمي لفيروس كورونا (كوفيد19)، على المستوى المحلي، تم الإعلان عن حزمة مالية واقتصادية بقيمة 4.3 مليار دينار، حيث تطرقنا الأسبوع الماضي إلى آلية العرض والطلب، وكيفية معالجة مصرف البحرين المركزي الوضع لاحتواء أزمة تراجع كفتي العرض والطلب لمنع حدوث أي تراجع اقتصادي في الأسواق.



وسنتناول في هذا المقال، السيناريو الثاني المساند لإبداع الحكومة لاحتواء الآثار الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا، عبر أدواتها على حزم اقتصادية استثنائية لإنقاذ تراجع كفتي العرض والطلب بسبب عدم وجود يقين قاطع بشأن المدة الزمنية لاحتواء الفيروس كما أسلفنا ذكره.

وعلى الرغم من إبداع الحكومة باستخدام أدواتها الاستثنائية والتي تعد الأقوى رقماً عالمياً بالنسبة للكثافة السكانية مقارنة مع بقية الدول التي استخدمت سياسات مشابهة لسياسة مملكة البحرين، إلا أن السؤال الذي سيبقى كيف سيتعافى الاقتصاد بعد هذه الأزمة المفاجئة؟!.

الإجابة تكمن في 3 سيناريوهات محتملة، أولها التعافي التدريجي ببطء كما حدث مع الأزمة الاقتصادية 2008 بالتعافي خلال 18 شهراً، وثانيها وهو الضعيف جداً والمستبعد يتمثل في نزول كفة الاقتصاد واستقرار التراجع الاقتصادي دون الخروج منه مطلقاً، وآخرها - وهو أكثر مشهد متوقع حدوثه من بعد تراجع اقتصادي سريع -الخروج السريع من الأزمة بانتعاش أكبر بسبب سرعة احتواء الأزمة الصحية مقابل إبداع الحكومة البحرينية صراحة باستخدام أدواتها لتأمين وقف تراجع كفتي الاقتصاد كما أسلفنا.

ومن المتوقع بسبب وقف المصاريف والفواتير ودفوعات رسوم الأنشطة التجارية، بالإضافة إلى تأجيل القروض، توفير سيولة كبيرة للمواطنين والمقيمين، حتى لو فرضنا أن آثار هذه الحزمة لم ترَ النور، بعد فإنه بلاشك ستعاود الحياة نشاطها بقيمة اقتصادية أكبر نظراً لتوافر السيولة طيلة فترة الدعم مما يدفع بعجلة التدوير الاقتصادي.

تشير التوقعات، إلى أن المرحلة التالية ستشهد نشاطاً عالمياً ينحصر بين قطبي الشرق الأوسط بقيادة الخليج العربي وشرق آسيا متمثلة في أهم قطب هي الصين الصناعية لأسباب عدة هي انهيار النظام الصحي والسياحي لدول أوروبا الكهولة، ما يجعلها تحتاج إلى قرابة أكثر من 10 أشهر تقريباً للخروج من نفق تدهور سمعتها الاقتصادية المرتبطة كلياً بانهيار النظام الصحي.

وبالمثل قد تعاني الولايات المتحدة الأمريكية بأزمة مماثلة تزيدها أزمة انهيار أسواق الأسهم وإفلاس شركات البترول الصخري بسبب تراجعات أسعار النفط عالمياً ووقف عمل المصانع حرفياً، حيث من الواضح أن دول الشرق الأوسط طورت سياساتها المستدامة مبكراً بعدم الاعتماد على النفط منذ 5 سنوات سابقة. كما إنها دخلت اتفاقات مبكرة مع الصين في مشاريع حيوية بسبب نشاط الصين الاقتصادي ومدى التزامها الأخلاقي العالي، وهذا ما حصل مع صربيا حيث إن الصين هي الدولة الوحيدة التي بادرت بالوقوف جنباً إلى جنب مع صربيا مقابل فضيحة عجز وانهيار الاتحاد الأوربي بالدعم لدول الاتحاد الأشقاء في سابقة أثارت جدلاً عالمياً.

ما يدفعنا إلى التفاؤل، أن أول المسارات لفتح الحدود بين الدول والمطارات الجوية ستبدأ بجسر الملك فهد تتبعها لربما مطارات دول مجلس التعاون الخليجي الأمر الذي سيؤدي إلى حصر السياحة مستقبلاً فقط بين دول الخليج العربي لفترة ليست بالبسيطة مما يجعل العملة الخليجية تنشط تداولاً فقط بين الخليج العربي ويقف إهدار تصدير الدينار أو الريال أو الدرهم خارجياً سنوياً بسبب الاستثمار في أوروبا أو أمريكا، فكما هو معروف بطبيعة الحال أن الفرد الخليجي هو السائح والمنفق الأول في أوروبا وأمريكا سنوياً.

إن جميع المعطيات المبشرة جداً باحتواء الأزمة سريعاً، ترجع معظمها بالتأكيد لدور الحكومة بالاستثمار في سياسات الادخار واحتياطي الأجيال، حيث وجهت الحكومة طاقاتها لمصلحة الوطن والمواطن في المقام الأول بما يعكس رؤى وتطلعات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وهي الأولوية القصوى بما يصب في مصلحة المواطنين ومواصلة النمو في مملكة البحرين.

بتول شبر – سيدة أعمال

[email protected]