نواصل في الجزء الثاني من المقال حديثنا عن فيروس كورونا (كوفيد 19) ومواقع التواصل الاجتماعي.

بعيداً عن التراث العلمي المرتكز على سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي مثل الإدمان ونشر الشائعات والإساءة والتشهير وباقي هذه السلسلة من الاتهامات الموجهة للشبكات فإننا نركز على قضية بعينها وهي أزمة فيروس كورونا، والغريب أن كل من فيروس كورونا ومواقع التواصل يحمل مصطلحاً جديداً وهو «مستجد»، ففيروس كورونا «المستجد» وكذلك مواقع التواصل تعرف بأنها أحد مظاهر «الإعلام الجديد» New Media فهل أضحى كل جديد ضاراً بما يؤكد رؤية أنصار الماضي والحنين للزمن الجميل.

إن وسائل التواصل حاضرة فى أزمة فيروس كورونا المستجد بشكل كبير ولدى الجماهير بشكل يفوق معرفتهم بالفيروس. ولم يهتم عموم دول العالم وشعوبها وقادتها السياسية والتنفيذية بقضية مثلما اهتموا بفيروس كورونا المستجد، المستبد، المستفز، ذلك لأن العالم شعر أنه أمام وباء عالمي حقيقي يهدد الجنس البشري، وليس مجرد حالات خاصة بدول معينة سوف يتم السيطرة عليه داخل حدودها، إنما أدرك أن العالم قرية واحدة وفقاً لرؤية عالم الاتصال الأمريكي الشهير مارشال ماكلوهان ولذا أصبح الكوكب منشغلاً بالفيروس ولم يتخذ كل هذا العدد من الدول من الإجراءات الصارمة من قبل مثلما اتخذ هذه الأيام.

لقد بات الجميع أسرى لما تنشره هذه المواقع بشأن فيروس كورونا مثل غيره من القضايا والأحداث المركزية المحلية والإقليمية والعالمية. الأمر الذي جعلها مصدراً أساسياً لمعلومات هؤلاء الجماهير، وأحد روافده الأساسية لتكوين وعيه ومدركاته بل ويسلك السلوك نفسه الذي استشفه من تناولها للموضوع. ساعد على ذلك أنها الأقرب للجمهور وسهلة الوصول إليه وقليلة التكلفة بجانب ما توفره من تفاعلية وأساليب عرض متنوعة هذا بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام التقليدية خاصة القنوات الفضائية أصبحت تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصادر لأخبارها اليومية فبرامج «التوك شو» مثلاً التي تبثها هذه الفضائيات تعتمد على هذه الوسائل بنسبة قدرتها بعض الدراسات بما يزيد على 60% مما تبثه من أخبار وما تعلق عليه من أحداث.

إن هيمنة وانتشار وسائل التواصل وسيطرتها الآن على العقل الجمعي للجماهير فى كل دول العالم باعتبارها مصدراً أساسياً من مصادر معلوماته اليومية يدفعني لطرح سؤال هو كيف كان المشهد العام لتناول هذا الفيروس في غالبية وسائل التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي؟ هذا مانتعرض له في المقالات القادمة.

وللحديث بقية.

* أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال