اجتمع قادة الدول للبحث في أسباب إثارة الهلع في أوساط الشعوب، واكتشفوا أن الشائعة وصناعة الشائعة وتداولها في وسط الفضاء الرقمي عن طريق منصات التواصل الاجتماعي هي أحد الأسباب الرئيسية لصناعة الهلع والخوف وسط المجتمعات، ولعلنا شهدنا ذلك من خلال بعض المقاطع التي انتشرت عندما بث أحدهم مقطعاً وهو يحذر من حظر التجول ويدعو الناس للتموين ليتدافع الناس نحو المتاجر التموينية ويصنعون طوابير لا ترى نهايتها مكونين بيئة مثالية لانتشار فيروس كورونا(كوفيد19)، متناسين كل توصيات التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية.

وبالعودة للمسبب الرئيسي لهذا الهلع الذي اجتاح المجتمع نجد أن تداول الشائعة والأخبار بطريقة ميسرة عن طريق بعض التطبيقات هو الشريان الرئيسي لهذا الهلع، ولذلك قامت العديد من التطبيقات بحد إمكانية الرسائل الجماعية والبرودكاست، وتصعيب ذلك قدر الإمكان للحد من نشر الشائعات عن طريق أولئك الجالسين على أرائك منازلهم ممسكين بالهاتف لاعبين دور الناقل الحصري للأخبار.

وقامت الدول والجهات الأمنية بطرح قوانين وفرض عقوبات حازمة لمروجي الشائعات، وهذا ما أسهم في التقليل من هذه الشائعات والتخفيف من حدة انتشارها، والتي لن تنتهي إلا بتكاتف الشعوب مع حكوماتها وعدم استسقاء المعلومات إلا من مصادرها الرسمية والمعتمدة، وكف البعض عن لعب دور صاحب الحصريات.

هناك أيضاً بعض المؤسسات الإعلامية التي تبحث عن إثارة الجدل في ظل الأزمات ولذلك لا تتورع عن نشر أي خبر من الممكن أن يثير التفاعل على صفحاتها في السوشال ميديا، فمثلاً انتقاد الأطباء والمنظومة الصحية في ظل ظروف أزمة «كورونا» وتهويل مشكلة تحدث بشكل يومي في وسط تفاني الكادر الطبي في مواجهة الفيروس من أجل إثارة جدل وتسجيل عدد كبير من التعليقات والإعجابات، ربما هذه الأرقام ستسر المؤسسة ولكنها ستهدم جسور الثقة التي بناها فريق البحرين مع تفانيه في مختلف الجوانب، والتي هي أساسها المنظومة الصحية التي يجب أن نحرص على تماسكها وهي مسؤولية الجميع من أفراد ومؤسسات وحكومات.

مع زيادة كبيرة في أرقام الإصابات بفيروس «كورونا» معظمها من العمالة الأجنبية اختلفت وجهات النظر وطريقة طرح الموضوع في منصات التواصل الاجتماعي، فتطرق البعض للعمالة المخالفة وعدم القدرة على السيطرة على انتشارها في المجتمع، بينما تطرق آخرون للموضوع بنظرة عنصرية بحتة خالية من الإنسانية لدرجة أن أحدهم يتهم الحكومة بكونها «عذاري» توزع الكمامات على العامل البسيط بينما يشتريها المواطن.

إن مشكلة العمالة وسكن العزاب و«الفيزا المرنة» تحتاج لمساحة خاصة لتحليلها وإعادة النظر في أسبابها ومسبباتها، فبعيداً عن القوانين يعد المواطن سبباً رئيساً من أسباب انتشار سكن العمال بهذه الصورة فهو من يؤجر على العمال هذا السكن ليضمن زيادة في مدخوله ضارباً عرض الحائط بكل الظروف المجتمعية والتركيبة الديمغرافية للمنطقة.

كذلك «الفيزا المرنة» التي أتاحت للعامل كفالة نفسه بلا رقيب، فتجده يضع عنواناً وهمياً وينتشر في الأرض حتى إذا طرأ طارئ سيصعب على أجهزة الدولة السيطرة عليه، بعكس العامل المكفول من صاحب عمل والذي يتكفل له بمكان إقامة وهو مدرك لمكان وجوده، ولذلك كانت السيطرة على العمالة النظامية وفحصهم ميسرة.

أما العمالة السائبة و«الفري فيزا» وتجار الإقامات الذين هم من أهل هذا الوطن ولكنهم لا يهتمون لصحة البشر ولا صحة المجتمع فجميعنا ربما نحصد نتيجة هذا الجشع والإهمال والحديث في هذا يطول مع «كورونا» الذي أتاح لنا إعادة النظر في الكثير من الأمور.