في ظل حساسية الوضع الصحي القائم لتفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد 19) وخطورته، من الغريب أن نجد تجمعات العمالة غير النظامية (السائبة) لا تزال كما لو كانت في الأوضاع المستتبة، الأمر الذي قد ينذر بكارثة محققة ما لم يتم وضع حد لهذا الوضع.. وحالاً. تجمعات العمالة في سوق المنامة المركزي وفي سوق واقف والرفاع وغيرها، تعد مثالاً على ذلك الوضع المخيف الذي نتحدث عنه، وقد نصل إليه – لا قدر الله – خاصة وأن تلك العمالة لا تزال تمارس حياتها وأعمالها العادية وضمن تجمعات تفوق في كثير من الأحيان ما أمرت به الجهات الصحية المعنية بالتعامل مع تفشي وباء «كورونا»، والتي اشترطت ألا يزيد عدد الأشخاص في التجمعات عن خمسة أشخاص. إنه من الضرورة بمكان أن يسلط الضوء على هذه المسألة ففي ما تبذل الحكومة واللجنة المعنية بمواجهة تفشي «كورونا» برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد جهوداً نوعية وجبارة لاقت إشادة واستحساناً دوليين، فإن مثل هذه التجمعات العمالية غير النظامية يخشى أن تكون بؤراً للمرض من شأنها أن تنسف تلك الجهود العظيمة المبذولة.

ومن يريد أن يتأكد بنفسه من هذا الوضع أو أن يتصوره فما عليه سوى القيام بزيارة خاطفة إلى سوق المنامة المركزي، ليقف على حقيقة الوضع هناك طيلة أيام الأسبوع وعلى وجه الخصوص في أيام العطلة الأسبوعية حيث يشتد الوضع سوءاً.

هذه القضية تثير العديد من التساؤلات المهمة وهي: من هو كفيل «الحمالية» في السوق المركزي؟ وتحت أي بند أو مسمى وظيفي يتم إدراجهم في هيئة تنظيم سوق العمل؟ من يحميهم؟ من يدعمهم؟ ولماذا يتم غض الطرف عنهم؟ هل الجهات المعنية وعلى رأسها هيئة تنظيم سوق العمل لا تعلم بوضعهم؟ فإن كانت لا تعلم مصيبة وإن كانت تعلم وتغض الطرف فالمصيبة أعظم! وإذا كانت لا تعلم فما هو عذرها في عدم العلم بينما المسافة بين مبنى الهيئة والسوق المركزي مسافة أقل من كيلومترين! هذا بالإضافة إلى امتلاك موظفيها للصلاحيات وسلطة الضبطية القضائية.. فما العذر؟!

وإذا كنا نناقش الأمور صريحة – خاصة في ظل مثل هذه الأوضاع – فإنه لا بد من الإشارة إلى تدني مستوى النظافة الملحوظ لدى شريحة كبيرة من هذه العمالة وقلة وعيها ومعرفتها بسبل الوقاية، فما بالكم بمدى حرصها على التعقيم واستخدام المطهرات والكمامات التي حتى ولو استخدمتها فقد تعمد إلى استعمال الكمام نفسه لعدة أيام بينما صلاحيته لا تتعدى في أحسن الأحوال أكثر من بضع ساعات بحسب التوجيهات والإرشادات الطبية.

أما وزارة شؤون البلديات فإننا وإذ ننوه بالإجراءات التي قامت بها منذ بداية هذه الأزمة للسيطرة على التجمعات في السوق ومنها غلق بعض البوابات وزيادة عدد الحراس للرقابة على الدخول والخروج من السوق، إلا أن هذه الإجراءات تظل غير كافية باستمرار التجمعات العمالية على حالها.

ولعمري إن هذه لفرصة تعد سانحة وملائمة لتعديل أوضاع تلك العمالة على وجه عاجل، بضبطهم وتسفيرهم، ومحاسبة كفلائهم، ذلك أن بقاء وضع العمالة على حاله قد يؤدي لكارثة لا تحمد عقباها.

ومن الضرورة بمكان أن تشن الجهات ذات العلاقة حملات رادعة وحازمة لضبط جميع العمالة غير النظامية وتسفيرها، خاصة في ظل أوضاع انتشار الوباء الحالية في العالم كله، هذا فضلاً عن ظروف سكن هذه العمالة ضمن تجمعات سكنية كبيرة قد تصل إلى مائة أو نيف.

* سانحة:

إذا كان التهاون في جميع الأوقات مرفوضاً فإن رفضه يكون أشد وأكثر إلحاحاً في مثل هذه الأوقات والأزمات الكبرى، وتطوير البلدان وازدهارها لا يكون إلا بالحزم والعزم على تصحيح الأخطاء.. وقضية العمالة السائبة في البحرين واحدة من الملفات العالقة التي يجب حلحلتها وفوراً خاصة إذا علمنا مدى خطورتها وإمكان عرقلتها للجهود الجبارة المبذولة للتصدي لجائحة «كورونا».