بعد حصيلة فترة طويلة من الادخار تفاجأت والدته بمنظره، وقد كسر حصالته، وافترش الارض يقوم بعد «الربابي - العملة المعدنية 100 فلس»، وبكل عفوية أخبرها أنه يود المساهمة مع الحملة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا «فينا خير».

الطفل خالد ياسين ابن الزميلة العزيزة د. وفاء الحلو أصر أمام والدته على أن يساهم بكل ما تحويه حصالته لأجل البحرين.. خالد ليس الطفل الوحيد الذي كان متحمساً ومتفاعلاً، فقد شاهدنا على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأطفال فاجؤوا أهلهم بقيامهم بنفس الفعل.. إخراج حصالاتهم المنزلية والطلب من أهاليهم تحويل المال على الحساب البنكي لحملة «فينا خير». وقد تغيرت مخططاتهم التي لأجلها ادخروا هذه الأموال.. لقد أوصلوا رسالة عميقة المعنى لو تأملها البعض، وهم يقومون بهذه المبادرات التي فاجأت أهلهم وأسعدتهم.. البحرين أغلى من كل الأمور التي ادخرنا المال لأجل شرائها.. الوطن لا يباع ولا يشترى ولو بكنوز هذه الأرض كلها.. أكثر شيء يحبه الطفل ويسعده شراء اللعب، لكن أطفال البحرين بهذا التصرف أوصلوا رسالة بريئة وعفوية أن البحرين أهم المسائل والقضايا والطموحات والآمال.. أهم حتى من مسألة امتلاك لعبة من مال في حصالاتهم، وأن البحرين أولاً وأخيراً.

أحدهم يقول: أعرف فتاة برصيدها البنكي 120 ديناراً فقط، تبرعت بـ 20 ديناراً لأجل دعم هذه الحملة الوطنية، فأين كبار تجارنا عن هذا الموقف؟ في موقف يعزز فكرة «الجود من الموجود» ورسالة تنبيه أن مساهمات التجار يجب أن تكون أضعاف ما يقدمه المواطنون العاديون.

البحرين بلد الخير في خير وستكون بخير بإذن الله تعالى طالما أبناء شعبها يتسابقون على الخير، وطالما أجيالها الناشئة كانوا من أبرز المتفاعلين مع هذه الحملة الوطنية التي تجسد أسمى معاني الولاء والفداء للوطن والقيادة والمجتمع.. مع انطلاق الحملة الوطنية «فينا خير»، والتي أعلن عنها مشكوراً سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب مستشار الأمن الوطني رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، والذي يعتبر قدوة ملهمة للشباب والأجيال الناشئة على مستوى منطقة الخليج العربي وبادر سموه بإعلان تبرعه بمليون دينار بحريني كأول المساهمين فيها ليوصل رسالة سامية أنه بدأ بنفسه انطلقت الهمم الوطنية معه، ولعل أجمل تعليق كان متداولاً كرسالة شكر وامتنان من المواطنين لسموه «شكراً نقولها للرجل الذي جعلنا نراقب أرقام المبالغ المساهمة في العمل الخيري بدلاً من مراقبة أرقام المصابين بالفيروس»، كما توجه عدد من أولياء الأمور بالشكر لسموه لتحفيز أطفالهم بعمل الخير وتعزيز القيم الوطنية ومبادئ التعاون والتكافل.

نعم، فالقائد الذكي هو من يحول الأزمات إلى مكتسبات، والحملة تجاوز عدد المساهمات فيها 34 مليون دينار بحريني، حتى كتابة المقال، ولله الحمد واستجابة لطلب عدد من المقيمين في مملكة البحرين من الجاليات الأجنبية، كما ذكر الأمين العام للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية د. مصطفى السيد تم تمديدها حتى نهاية شهر أبريل، حيث سيتم الجمعة المقبل، ابتداء من الساعة الثانية ظهراً وحتى الخامسة مساء على تلفزيون البحرين وقناة البحرين الدولية تلقي الاتصالات والإعلان عن أسماء المساهمين والمبالغ المتبرع بها.

اللافت إلى جانب المواقف النبيلة التي رأيناها من شعب البحرين الوفي الرسائل البليغة التي حملها سمو الشيخ ناصر خلال مقطع الفيديو المنشور على حسابه بالانستغرام، وهي قيم وطنية تستحق التأمل فيها فقد طرح سموه سؤال بليغ رغم بساطته «شكثر تستاهل البحرين؟». وقد قام باستحضار تضحيات شهداء البحرين الأبرار رحمهم الله، نعم فهناك من قدم روحه فداءً لهذه الأرض الطيبة ولأجل أن يبقى علم البحرين عالياً، واليوم علينا أن نتكاتف جميعنا لأجل هذا الوطن. فهذا وقت نداء الوطن والمحك لكشف الضمائر الوطنية وصحوة الخير فينا، وهذا وقت ترجمة الأقوال إلى أفعال وتصرفات تكون مثل الشواهد علينا أننا نفدي البحرين بكل ما نملك. وهو ليس شعار يردد دون تطبيق بل نفديها فعلياً بأموالنا وبأرواحنا، وبأغلى ما نملك، ومن عاش في عز البلد يحرص على أمن وعز البلد والفلسفة الدينية والوطنية التي نوه إليها سمو الشيخ ناصر بن حمد حينما قال «هذي تعطينا الفرصة وشرف المشاركة عشان يوم الحساب أوقف وارفع راسي وأقول أني ساهمت لبلدي وقت الشدة».

هناك شعار للحملة لم يُقل، لكن الكل استشعره وهو يتابع بحماس أرقام المساهمات في الحملة وهي تزداد «تبين عيني؟ لج عيوني وكل ما أملك».