اليوم في معركة العالم الشرسة للقضاء على جائحة كورونا (كوفيد 19)، وفي ظل حالة الطوارئ التي تعيشها كل البلدان والتي نرى فيها أغلب الشوارع تكاد أن تخلو من الناس وذلك لعدم خروجهم إلا في حالات الضرورة، هناك جنود «خفيون» يعملون ليل نهار من أجل صحتنا وسلامة مجتمعاتنا ونظافتها.

أتعرفون من هم؟ هم عمال النظافة الحاضرون في كل مكان، والذين يعملون بكل خفاء ولا نكاد نراهم، عامل النظافة الذي يعمل في الساعات الأولى من كل يوم جديد، وأحياناً آخر الليل ونحن نيام دون الاهتمام بحرارة الشمس أو قسوة البرد أو شدة الغبار وحرصاً منهم على سلامة البيئة والمواطنين.

إن أزمة انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) لم تمنع عمال النظافة من مزاولة عملهم بشكل متفان للحفاظ على نظافة المدن والمجتمعات وذلك بالتخلص من النفايات كل يوم والتي تعتبر مصدراً خطيراً لنقل العدوى، والذي يجعلهم دائماً معرضين للخطر أكثر من أي شخص.

«جنود الخفاء» نعم هم هكذا، هم الذين يستحقون أن نضعهم في أعلى الهرم الاجتماعي ففي ظل الإجراءات الاحترازية التي يفرضها الوضع الراهن، يعتبر عامل النظافة من جنود الجبهة الأولى لحماية الصحة العمومية جنباً إلى جنب مع الكوادر الطبية والطواقم الصحية، وللأسف نادراً ما نسمع بأهمية دور هؤلاء العمال ووعورة مهنتهم جراء الحفاظ على مجتمعاتنا فهم يعتبرون عمال الوطن.

إن الدور الذي يؤديه عمال النظافة دور جبار، والأمر يبدو مرعباً عندما يقومون بتنظيف مستشفيات أو غرف أو حتى شوارع مليئة بفيروسات تهدد حياتهم وتعرضها للخطر ولنتذكر دائماً أن الشخص الذي يجمع تلك النفايات هو إنسان مثلنا لديه أسرة وأطفال مسؤول عنهم.

مهنة خطره يتعرض أصحابها بشكل يومي لحوادث كثيرة كالإصابة بأدوات حادة وقطع زجاج وغيرها ما بين القمامة التي يجمعونها، ولكن اليوم هم يتعرضون لشيء أخطر لا يرى بالعين ولا يحس باليد.

مهمتنا اليوم في ظل المجتمع الواعي هو الجلوس في المنزل والتباعد الاجتماعي وغسل اليدين والعمل عن بعد وعدم نشر الشائعات وغيرها من المسؤوليات التي تدل على وعي المواطن البحريني وذلك من أجل حماية المجتمع ووقايته من أن يصبح كورونا (كوفيد 19) وباء متفشياً ولكن هل هو سلوك وطني واع أن أرى منظر تناثر القفازات المستعملة على الأرض بالقرب من إحدى الصيدليات؟ أم إنه سلوك أناني تحافظ فيه على سلامتك وتضر به الآخرين؟!

بالمقابل منذ فترة لفت انتباهي سلوك حضاري راقٍ لسكان بعض المدن والقرى في مملكة البحرين، وذلك أنهم ساهموا بأنفسهم في عملية تنظيف شوارعهم ومدنهم واعتبروه واجباً وطنياً سامياً، ومهمة اجتماعية نبيلة المعاني، فجميل أن نجد مثل هذه اللفتة البسيطة في حق وطننا، ولفتة عميقة من أهالي تلك المناطق لدرجة أنهم حركوا روح الوطنية لدى الجميع، واعتبروه نداء وواجباً يتحتم أن يلبيه كل الناس، لربما يأتي يوم لا نجد عمالاً للنظافة وعلينا نحن من يقوم كمواطنين ومقيمين بواجبنا تجاه هذه الأرض الطيبة، فكلنا مسؤولون في ظل المسؤولية المجتمعية المشتركة.

نعم، تحية تقدير وإجلال لعامل النظافة الذي يعتبر مثله مثل الطبيب ومثل المعلم لقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس»، ولنقف احتراماً لحائط الصد الذي يقف بيننا وبين الخطر، وجميل منا أن نبرز دورهم أمام الجميع، وعليه أدعو نشطاء التواصل الاجتماعي عبر الشبكات الاجتماعية إلى إطلاق حملة ذات التفاتة إنسانية باسم «شكراً عمال النظافة» تقديراً منا لعظيم جهدهم لما يقدمونه لنا من خدمات جليلة من أجل الحفاظ على سلامتنا، ويداً بيد سنتكاتف بإذن الله جميعاً من أجل القضاء على هذا الوباء.