كتبت - زهراء حبيب: حكمت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى حضورياً وبإجماع الآراء، بإعدام بحريني قتل زوجته المغربية بطعنها 6 طعنات بصدرها، وإلزام المتهم بتأدية 100 دينار للمدعية بالحق المدني -عائلة الزوجة- على سبيل التعويض المدني المؤقت، ومصادرة السكين سلاح الجريمة، وإلزامه بدفع 20 ديناراً أتعاب المحاماة. وأحيل المتهم إلى القضاء بعد أن أسندت له النيابة العامة تهمة أنه في 29 يوليو 2010 قتل عمداً المجني عليها- زوجته- مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها، وأعد لذلك أداة حادة “سكين”، وما أن انفرد بها حتى انهال عليها طعناً بالسكين قاصداً قتلها وأحدث بها الإصابات الموصوفة في تقرير الصفة التشريحية، والتهمة الأخرى إحرازه وحيازتع لمخدر الحشيش ومؤثر عقلي “الميتافيتامين” بقصد التعاطي. وبدأت القصة عندما طلب المتهم من زوجته -المجني عليها- التي تزوجها عام 2003 بعد أن تعرف عليها خلال تواجدها في مملكة البحرين وعاشرها دون مقابل، وأنجب منها ثلاث فتيات، وأنه يعلم بمجال عملها بالبغاء، عام 2009 طلب منها ترك ذلك المجال فرفضت، فأبلغ عنها شرطة الآداب، إلا أنها واصلت عملها. وطرأت في باله فكرة قتلها، فأخذ من منزل والده سكيناً خبأها في الدرج الثاني، لكنه لم يتمكن في تلك الليلة من قتلها، وفي اليوم التالي طلب منها حقه الشرعي، ومارس معها الحب مرتين قاصداً إشباع رغبته قبل قتلها فوافقته، واستحما مع بعضهما ثم ارتدى كل منهما ملابسه، وكان المتهم يخبئ السكين تحت وسادته. واستلقت الزوجة على ظهرها الجانب الأيمن من السرير، وعندئذ صمم المتهم تنفيذ جريمته، فاستل السكين التي كان يخبئها تحت وسادته ثم جثم على بطنها فأصبحت المجني عليها بين فخذيه ووضع السكين على رقبتها قائلاً لها “أنت ذبحك حلال” وقام على الفور بطعنها طعنة نافذة في صدرها فأخذت الزوجة تتلو الشهادتين فباغتها بخمس طعنات حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وفاضت روحها لبارئها، ولم يتوقف المتهم عن توجية الطعنات حتى تيقن من وفاتها. وبعد تأكده من وفاة الزوجة اتصل المتهم بوالده طالباً منه الحضور لأخذ بناته الثلاث إلى منزل الجد، ثم اتصل بالشرطة وأخبرهم بأنه قتل زوجته، ووضع السكين على السرير ثم غير ملابسه وخرج من الغرفة ليطلب من الخادمة النزول برفقة بناته أسفل العمارة التي يقطنها في منطقة الزنج بالمنامة، لحين حضور والده ليقلهم إلى منزله، وحضرت الشرطة لإلقاء القبض عليه معترفاً بالتحقيقات بالتفاصيل الدقيقة للواقعة. وأثبت تقرير الطبيب الشرعي أن سبب الوفاة ناتج من تلك الطعنات التي تلقتها المجني عليها، لما أحدثته من قطوع بالقلب والرئة اليمنى، وما صاحبها من نزيف دموي بالتجويف التاموري داخل الصدر، انتهاءً بتوقف القلب والتنفس، وهو مطابق للتصور الوارد للواقعة. وعقبت المحكمة، التي عقدت جلستها أمس، برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة، وعضوية القاضيين طلعت إبراهيم، وعلي الكعبي، بحضور أمانة السر ناجي عبدالله، على دفع محامي المتهم بعدم مسؤولية موكله وأنه مريض نفسياً وعدم إدراكه لأفعاله خصوصاً وأن فحص عينة من إدراره أثبت تناوله المخدر الحشيش ومؤثراً عقلياً لما له من أثر، وانتفاء القصد الخاص بالقتل، أن الثابت من الأوراق ومن اعتراف المتهم بأنه عقد العزم على قتل المجني عليها بأن أخرج أداة الجريمة التي أعدها مسبقاً لذلك الغرض، أسفل وسادته مما يتضح وبشكل قاطع توافر نيه القتل لديه. كما إن المتهم عاشر زوجته مرتين لاشباع رغبته الغريزية قبل قتلها، مما يدل على هدوء نفسه وترويه وإدراكه قبل إقدامه على فعلته، فما أن خرجت الزوجة من دورة المياه بعد أن اغتسلت واستلقت على السرير استل الزوج السكين وقال لها إن “قتلها حلال” بعد أن جثم عليها وطعنها ست طعنات حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وبعدها اتصل بالشرطة لإبلاغهم بالجريمة، وزودهم بالعنوان. وأبلغ المتهم والده لطلب الحضور إلى شقته لأخذ بناته الثلاث، كل ذلك يدل على علمه بالإجراءات التي سوف تتخذ بشأنه، ولمراعاته شهود بناته فضلاً عن ذلك أن الثابت للمحكمة من مناقشة المتهم وإجاباته في التحقيقات ما يدل على ثبات عقله وإدراكه بطبيعة الأفعال التي ارتكبها وقيامه بتمثيل الجريمة بشكل مفصل. كما جاءت خلاصة التقرير المعد من اللجنة الطبية المشكلة لفحص المتهم المؤرخ في 30 مايو 2011، أن الزوج لا يعاني من أي مرض نفسي، ومدرك لأفعاله وقت ارتكاب الجريمة، ويدرك نتائجها، فضلاً عن أنه مسؤول عن تصرفاته. وأشارت المحكمة إلى اطمئنانها لنتائج تقرير اللجنة الذي أقيم على أسس صحيحة، ولما تبينته المحكمة بنفسها، كما جاء بشهادة الطبيب الشرعي وجود مادة الحشيش المخدرة في إدرار المتهم لا توثر على وعيه وإدراكه خصوصاً وأن التحليل لا يجزم وقت التعاطي، وأن المؤثر العقلي “الميتافيتامين” تعتبر مادة منشطة غير مؤثرة في وعي وإدراك متعاطيها، إضافة إلى أن نسبة الكحول عند الجاني وقت ارتكاب الجريمة بسيطة ولا تؤثر في وعيه، وعليه تنتهي المحكمة إلى سلامة قوى الزوج العقلية والنفسية أثناء ارتكابه الجريمة، ومسؤوليته عنها، ولعدم وجود أثر للمخدر والمؤثر العقلي الذي تناول في قيامه بالقتل. وفيما يتعلق بسبق الإصرار، أوضحت المحكمة أنه “لما كان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد منها وقائع خارجية يستخلصها القاضي، وكان البحث في توافر هذا الظرف من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب هذه الظروف والعناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج”. واقتنعت المحكمة بتوافر ظرف سبق الإصرار وأن الزوج عقد العزم وبيت النية على قتلها بفترة كافية بلغت نحو أسبوع في هدوء وروية، إذ ذهب المتهم لمنزل والده وأحضر أداة الجريمة، وخبأها بغرفة النوم وفي يوم الواقعة استكمل القصة. وختمت المحكمة حيثيات الحكم أن المادة 333 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية نصت على أن تكون العقوبة إعداماً إذ وقع القتل مع الترصد أو مسبوق بإصرار، أو مرتبطاً أو مقروناً بجريمة أخرى، والثابت من أوراق الدعوى أن المتهم ارتكب جريمة القتل العمد للمجني عليها مع سبق الاصرار فتحقق الأمر المنطبق عليه نص المادة المذكورة سلفاً. واطمأنت المحكمة إلى أدلة الثبوت في الدعوى على النحو الوارد بيانه، وأنها تعرض عن إنكار المتهم أمام المحكمة، وتلتفت عما أشاره الدفاع من أوجه دفاع قوامه إثارة الشك في دليل الثبوت، ولا يسع المحكمة سوى الالتفات عنها وعدم التعويل عليها اطمئناناً باعترافات المتهم التفصيلية بتحقيقات النيابة العامة التي تعززت بأقوال شهود الإثبات والمؤيدة بالتقارير الفنية.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}