«إلى زبائننا الكرام، وإلزاماً بالتعليمات الوطنية لمكافحة جائحة كورونا (كوفيد19)، يؤسفنا إبلاغكم عن تعذر استقبال طلباتكم الخاصة بمجموعة إطلالات العيد»، التوقيع: كوفيد19 سنة 2020.

قرأت الرسالة، انقبض قلبي وشعرت بحزن كبير والمشهد لم يأخذني إلى بعيد وإنما تخيلت ماذا سيحدث عن قريب، وبدأت أردد في بالي وأعيد: سبحان الله، فعلاً فإن شهر الخير هالمرة غير. يعني ما من حاجة إلى تجهيز عبايتي الرمضانية، وأراقب خطواتي وأمشي بحذر كي لا أدوس على طرفها أو أن أقفل باب السيارة عليها، فأنا بالبيت ولن أتزحزح من مكاني.

لن أسوق سيارتي صباحاً وعيناي شبه غافلتين واللسان يردد أذكار الصباح وأسأل نفسي على استحياء يا ترى كم ساعة باقية إلى أن يحل علينا المساء!!

رمضان بالبيت، يعني لن أردد عبارة «اللهم أني صائمة» وأبتسم ابتسامة المنتصر لأنني كظمت غيظي، كلما رأيت أو سمعت أمراً يزعجني أو يضايقني.

هالمرة لن يكون أول سؤال أوجهه إلى أبنائي حين أدخل من باب البيت «من الشاطر فيكم الذي لايزال صائماً، فلينتظر هدية جميلة مني بعد الإفطار؟».

هالمرة لن نقف في الزحمة وقت الغروب، وكل خوفنا أن يرفع الأذان ونحن لم نصل بعد إلى بيت عمتي للفطور.

معقولة يعني هالمرة لن تنتظرني ابنتي تاليا على الكرسي في الصالة وهي تردد «يلا يا ماما تأخرنا... بدنا نروح نصلي التراويح في المسجد!».

هالمرة غير، فأنا لن أستلم أي دعوة للغبقة او الإفطار وأبدأ لن أفكر في أي ثوب عليّ أن أختار!

هالمرة لن نفصل طلعات المجمعات، مرة للبنات ومرة للأولاد لشراء ملابس العيد وزحمة الناس في كل مكان؟ هالمرة لن تصل السيدات الليل مع ساعات النهار صباح العيد، وهن في انتظار دورهن في صالونات التجميل.

وقرقاعون صحيح قرقاعون، ماذا عنه! معقولة لن أذهب مع أولادي إلى المحرق الحبيبة ونحتفل مع الأهل والأحباب.

ولكن ماذا لو تأملنا سوياً، فكل ما ذكرته هو أمور دنيوية وقادر ربي أن يحول أحوالنا من جرداء قاحلة إلى لؤلؤية ووردية. وواجبنا وسنة محمدية أن نطبق الاحتياطات الاحترازية لنحمي العباد والبلاد من بلاوي مأساوية.

فشهر الرحمن دوماً عامراً بالخير، لعلها تكون فرصة لإحياء أيامه ولياليه بالطاعات من دون تصوير وعرض عباداتنا في برنامج الإنستغرام. ولنتأمل الأطباء والممرضات ورجال الأمن والدفاع الذين سيحرمون من أجل حفظ سلامتنا، لمة الأهل والأبناء.

هالمرة ستكون جلستي مع أبنائي غير، والسهرات سأحولها إلى تدبر مع القرآن ونسأل الله العفو والغفران، فنحن بحاجة إلى رحمته مدى الأزمان، وتذكروا أن كل مر سيمر وكل رمضان وأنتم بخير يا أهل الطيب والعرفان.