لقد قتلت العالم وهو يواجه فيروس كورونا تناقضاته، فهو لا يعرف ماذا يريد؟ هل يقاوم أم يستسلم أم يهاجم؟ فقد كنا في موقف الدفاع أمام الجائحة، متخندقين بالحجر المنزلي، وأسلحتنا متوفرة وسهلة لا تتعدى النظافة وعدم التماس مع العدو. وقد ظهر مؤخراً أن فيروس كورونا قد خفف من سير جحافله، أو على الأقل انساق الهجمات المتوحشة الأولى منه، فوجد البعض أنها فرصة لشن هجوم معاكس على فيروس كورونا، بعودة الحياة لطبيعتها وتحرير الرهائن من الحجر ثم تحييد الوباء وعزله في منطقة القتل والقضاء عليه، أما بعدم توفير ملاذات إنسانية حاضنة له، أو بتدميره بالعقارات التي بدأ إنتاجها.

لكن عملية الهجوم لتحقيق هدف تكتيكي بشفاء المصابين أو استراتيجي بعدم عودة الوباء مستقبلاً تحتاج إلى جهود ضخمة، فالهجوم على فيروس كورونا يجب أن يشتمل على شق دفاعي في مرحلة ما من التنفيذ، كما أن المهاجم -كما في العسكرية- طالب بتفوق 3-1 ضد المدافع، كما يجب تقدير إن كان سيكون هجوماً مفاجئاً أو هجوماً مدبراً يتم على مراحل، فهل قام العالم وسط الارتباك الجاري حالياً بإجراءات ما قبل المعركة كالتحضير الكامل، ثم الاقتحام بكوادر طبية مؤهلة، يتبعها التطهير ثم إعادة التنظيم بعد فوضى الهجوم ومخلفاته!

يشهد التاريخ أن الحروب تسهم في دفع عجلة الممارسات والابتكارات الطبية، وفي تقديرنا أن الهجوم على فيروس كورونا مطلوب عبر طب الحروب أو المعارك والصراعات،

«Battlefield medicine»، فالمشتركات بين طب الأوبئة وطب الحروب كثيرة، منها كثرة الإصابات الجماعية وتشابهها وحدوثها فجأة، وتكون الاستعدادات لتلقي الإصابات على عجل، كما يتم بناء مستشفيات ميدانية ومخيمات ومحاجر بنفس سرعة ونسق ما يحدث في الحروب. وقد طور طب الحروب مبادئ يمكن الاستعانة بها، فصحيح أن للجميع الحق في العلاج لكن الأولوية في العلاج بيد الطبيب، لذا هناك نظام التمييز، والتصنيف، لكن الأهم تأهيل الكوادر بدورات للفريق الطبي والفريق المساند.

* بالعجمي الفصيح:

في كل تراجيديا لابد من وجود شرير، فإذا كان فيروس كورونا هو «سيل العرم» المدمر، فالحجر الصحي «سد مأرب»، وبيتك «مملكة سبأ» السعيدة.

ويحك، هل من الضروري أن تكتمل المأساة، لأنك تريد أن تكون فأراً؟!

* كاتب وأكاديمي كويتي