يمر الاقتصاد كما هو الحال في كل مراحل الحياة بمنعطفات كثيرة ويقال بأن ذروة الاقتصاد تبلغ كل عدة سنوات حدها الأقصى سواء ارتفاعاً أو نزولاً، وهي من السنن الكونية الموجودة في جميع أنحاء العالم.

صحيح أن جائحة كورونا العالمية، جاءت مفاجأة ودون استعداد أو تهيئة مسبقة، إلا أن أكثر ما أثار فضولي هو أن العديد من الشركات والمؤسسات في مملكة البحرين، سواء الكبيرة أو الصغيرة، شارفت على الانهيار بسبب الجائحة، منذ اليوم الأول لبدء إغلاق بعض الأنشطة الاقتصادية، والتوقف الجزئي للاقتصاد.

والسؤال هنا، ربما لو جاء إعلان الشركات والمؤسسات بعد 6 أشهر أو سنة لتفهم العديد ذلك، وعندما يخشي أصحاب المهن اليومية، وبعض الأنشطة الصغيرة جداً من الإفلاس، سيكون لهم العذر بكل تأكيد، ولكن هل الشركات والمؤسسات المتوسطة والكبيرة لم تستعد لأي أزمة مسبقاً؟

طوال السنوات الماضية، كان الاقتصاد منتعشاً، والأرقام الرسمية وغير الرسمية تثبت ذلك، ولا توجد رسوم أو ضرائب في البحرين كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى، وكان من الأجدى بجميع المؤسسات أن تضع في الحسبان وجود جزء من رأس المال والأرباح كاحتياطي لها، تنفق منه مع وجود أقرب أزمة، أو هبوط طبيعي في الاقتصاد، وحتى وجود كوارث لا قدر الله، فهل تجاهلت الشركات والمؤسسات هذا الأمر؟

ما مرت به البحرين، مرت به جميع دول العالم، إلا أن القيادة في البحرين وعلى رأسها حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، وفريق البحرين، انتبهوا مبكراً، واتخذوا خطوات وحزمة اقتصادية كبيرة، فاقت ميزانية البحرين السنوية، وهو أمر يجب أن يخلد في التاريخ، ولفتة كريمة من قيادة حكيمة وواعية.

لماذا تنتظر الشركات دائماً الدعم من الحكومة أو من الدولة؟ صحيح أن العديد منهم ساهم بحملة «فينا خير» التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ووصلت إجمالي التبرعات إلى أكثر من 100 مليون دولار، ولكن هو بكل تأكيد جزء بسيط جداً مما جنته تلك الشركات خلال السنوات الماضية.

في قطاع الطيران، وبعد كل حادث، يتم تغيير الإجراءات أو تحديثها بحسب النتائج التي تظهر من التحقيقات الرسمية، وهنا، يجب أن تخرج الشركات بدروس كبيرة من هذه الأزمة، أهمها ضرورة أن تحافظ على مراكزها المالية، وأن لا تنتظر الدعم دائماً من الدولة، وأن تساعد الدولة في أمورها، بدلاً من أن تنتظر مساعدة الدولة لها.

* آخر لمحة:

بعد ما سبق، أظن أنه يجب أن تكون هناك دورات تدريبية وجهات وربما قوانين، تفرض على الشركات والمؤسسات أن تكون لديها خطة للطوارئ، ومبالغ يتم الاحتفاظ بها لمثل هذه الأيام، التي لا نتمنى أن تمر مجدداً على العالم.