نواصل في الجزء الرابع من المقال حديثنا عن فيروس كورونا (كوفيد 19) ومواقع التواصل الاجتماعي.

اهتمت كثير من وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي بالتركيز على إطار عدم المبالاة الرسمية بالفيروس أو بإعداد المصابين أو اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهته واهتمت بالتشكيك فى المؤسسات الصحية من منظور عدم الجاهزية أو عدم الاحترافية والكفاءة المهنية، وهذا تناول بعيد عن الصحة إذ إن المتابع لأداء المؤسسات الصحية العربية يجد اهتمامها الشديد منذ اللحظة الأولى لأنها هي الجهات الرسمية المسؤولة عن صحة المواطنين فى دولها وما تحققه من تقدم هو معيار نجاحها فى أداء عملها وليس من العقل أو المنطق أن تعمل هذه المؤسسات على عكس الأمانة التي تحملتها، بل على العكس فقد نجحت الأجهزة الطبية والأمنية والسياسية فى الحد من انتشار الفيروس عبر ما اتخذته من إجراءات طبية واحترازية لمنع انتشار الفيروس فمازال المعدل قليلاً فى العالم العربي إذا ما قورن بدول أخرى متقدمة ولديها من الإمكانيات ما يفوق الموجود لدينا وما زال الارتفاع فى الأعداد قليلاً والحمد لله إذا ما قورن بدول أخرى متقدمة ولا أحد يستطيع أن يشكك أو يخفي لأن المتابعة تتم عبر جهات دولية أبرزها منظمة الصحة العالمية والتي أشادت بأداء الدول العربية في المواجهة..

لكن للأسف انتشرت هذه الأفكار السلبية لدى قطاعات جماهيرية تأثرت بشبكات التواصل الاجتماعي وهو الأمر الذي نال جزءاً من مصداقية هذه المؤسسات الرسمية فى كثير من دولنا العربية، رغم التطور الضخم في القطاع الطبي في كل الدول العربية خلال العشرين سنة الأخيرة والتي أصبحت لا تقل عن دول كثيرة في العالم المتقدم سواء فى القطاع الحكومي أو القطاع الخاص.

وكان تركيز هذه الشبكات في الجانب السلبي في الأزمة أكثر بروزاً حيث تتبع أعداد المصابين والوفيات دون الاكتراث بحالات عدم الوفيات أو الشفاء أو الجهود المبذولة للحد من الانتشار أو المخاطر التي يتعرض لها العاملون في هذا القطاع والذين يقومون على علاج المصابين. ولم تكترث حتى بالوعي الجماهيري العالي بهذا الفيروس ومتابعة تطوراته واتخاذ الإجراءات الاحترازية المنزلية وفي العادات والسلوكات اليومية للناس التي هدفها الحماية من الإصابة بالفيروس. وكان من الواجب على هذه المواقع أن تدعم هذا الوعي وتنميه وتكون أداة التنوير والتوعية لهذه الجماهير.

إن هذا التناول يؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي قد باتت فيروسات ضارة بالجمهور والمجتمع، فمضارها لا تقل عن فيروس «كورونا» ولذلك فإن الأمر يتطلب أن تعيد هذه المنصات النظر في أدائها فى شأن القضايا والأزمات الكبرى التي تواجه مجتمعاتنا وتضر بمصالحنا ذلك لأن الجميع فى خندق واحد ولذا يجب أن تراعي الله والوطن والمواطنين، فالإعلام الاجتماعي قد أصبح سلاحاً خطيراً لأنه الأقرب للإنسان يمسكه بيده عبر هاتفه النقال طوال اليوم فقديماً كانت الدراسات تتحدث عن أن مرتفعي ساعات المشاهدة أو القراءة هم من يزيدون عن ساعتين فى اليوم والآن أصبحت الدراسات تتحدث عن عشر ساعات فى اليوم وأكثر لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي. وللحديث بقيـة.

* أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال