* أكثر من 2 مليون لتر مازوت تهرب لسوريا يومياً

واشنطن، دبي - (الحرة، وكالات): تتراكم ملفات الفساد في لبنان لتصبح أكثر من أن يصدقها عقل، يضاف إليها المصلحة العليا لأحزاب أقوى من السلطة تهدف إلى تنفيذ أجندتها الخارجية الخاصة كدويلة على حساب الدولة، يأتي ذلك بغض الطرف من قبل بعض رجال السياسة الذين يستنجدون رضى من يبقيهم في مناصبهم ويدعمهم ويلبسهم "غطاء الوطنية"، كل هذه الخلطة ينتج عنها الواقع اللبناني المرير بوجود سلطة حزب الله.

فضيحتان مدويتان هزتا لبنان خلال الأيام الماضية، وهما تتعلقان بتهريب كميات كبيرة من مادة المازوت مدعوم الثمن إلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية، والفضيحة الثانية هي تهريب الطحين اللبناني المدعوم كذلك إلى سوريا، ووجهت أصابع الاتهام فيهما مباشرة إلى "حزب الله" الذي يسيطر على هذه المعابر ويستخدمها في نقل سلاحه ومقاتليه، كما وضعت هذه الاتهامات حليف حزب الله أي التيار الوطني الحر والحكومة مجتمعة في دائرة الاستهداف كون عدم مشاركتهم مباشرة لا تعفيهم من كونهم يستفيدون ماديا من ناحية ويسهلون عمل كارتل "Cartel" التهريب الذي يديره الحزب.



نقيب أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس كان أول من أثار ملف فضيحة المازوت، حيث تحدث عن تهريب ملايين اللترات من المازوت يومياً إلى سوريا، وقال: "لم نعد نجد كميات لشرائها من السوق المحلية".

وقدر قيمة المحروقات المهربة بأنها تتجاوز 400 مليون دولار سنوياً وربما يشكل هذا الرقم نصف الحقيقة.

ورغم مضي عدة أيام على هذا التصريح لم تكلف الحكومة نفسها بإصدار تبرير منطقي لهذه "الكارثة"، وخصوصاً أن مادة المازوت مدعومة من مصرف لبنان أي أنه يدعم تقريبا 85% من قيمة المازوت من خزينة الدولة اللبنانية ما يؤدي إلى استنزاف إضافي لهذه الخزينة المرهقة جراء انهيار العملة، والأزمات المالية والاقتصادية التي تضرب البلد.

وحسب وسائل الإعلام اللبنانية فإن أكثر من 2 مليون لتر تهرب إلى سوريا يومياً، من مجموع 5 ملايين ليتر يحتاجها السوق اللبنانية يومياً، ما يؤدي إلى شح هذه المواد على الأراضي اللبنانية وحرمان المواطنين من هذا المورد الأساسي، وخصوصاً أن معظم القرى والجبال تستخدمه للتدفئة.

وبعملية حسابية بسيطة تبين سبب قيام التجار بهذه العملية، حيث إن سعر صفيحة المازوت في لبنان يبلغ حوالي 3.3 دولار "إذا احتسبنا سعر الصرف 1500 ليرة للدولار"، في وقت تبلغ سعر صفيحة المازوت في سوريا حوالي 18 دولاراً، وهنا تحديداً تكمن عملية مراكمة ملايين الدولارات.

بداية هذا الملف كشفته قناة "أم تي في" اللبنانية في تقرير لها أشارت فيه إلى أن مبيعات الطحين في لبنان زادت مؤخرا، وكشفت أن أطنانا من الطحين تُنقل إلى الداخل السوري، بسبب الأزمة في الطحين هناك.

وأوضحت أن سعر طن الطحين المدعوم من الدولة 150 دولاراً، أما في سوريا فيبلغ حوالي الـ320 دولاراً، وبنتيجة التهريب، فإن خزينة الدولة تتكبد خسائر بنسبة 85 بالمئة.

وبعد عرض التقرير، أكد تجمع المطاحن في لبنان أن المطاحن تلتزم بالأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، وتتشدد في تسليم الدقيق إلى الأفران والتجار لتوزيعها على المناطق اللبنانية كافة بشكل تتوفر فيه هذه المادة في كل المناطق والقرى اللبنانية دون استثناء.

وقال التجمع في بيان: "تسعى المطاحن بكل ما لديها من قدرة إلى ضبط التجار الذين تعتمدهم في هذه العملية لعدم تهريب أي كمية الى الخارج، حرصاً منها على المال العام وبالتالي على تأمين الطحين إلى جميع الأفران لصناعة الخبز وللاستعمال المنزلي في البلدات اللبنانية كافة".

ويدعم مصرف لبنان المركزي استيراد الطحين والمازوت والأدوية ما يعني أن أي تهريب لهذه المواد خارج الحدود سيؤدي إلى استنزاف القدرة المالية للمصرف المتعثر أصلا وسيستنزف قدرة الدولة اللبنانية على توفير السلع الأساسية للسوق المحلية.

وفي هذا السياق أطلق الأمين العام السابق لـ"حزب الله" الشيخ صبحي الطفيلي موقفا متقدما مما يحصل، مشيراً إلى أن "لبنان ليس بحاجة للاستعانة بصندوق النقد الدولي ليخرج من أزمته، يكفيه في ظل ‏حكومة تضمّ "أوادم البلد" لاسترجاع بعض ما نُهب منه ليقف على قدميه ويستعيد عافيته".

وحمّل الطفيلي قيادة "حزب الله" مسؤولية الفساد في البلد، وقال: "هي تتحمّل كامل المسؤولية عن كل ‏المظالم التي لحقت بالشعب، وعن التلاعب بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، وعن نزيف ‏الاقتصاد عبر الحدود السورية ذهاباً وإياباً".