هناك تباينات عديدة بين واقع رياضتنا البحرينية الحالية و ما كانت عليه قبل نصف قرن من الزمان ، فبينما كانت الرياضة آنذاك قائمة على جهود تطوعية فردية نجدها اليوم. وقد حظيت باهتمام ودعم مادي و لوجستي سخي، ورغم ذلك ما يزال اللغط يحوم حول المؤشر الذي يتجه اليه مستقبل الرياضة عندنا.

في الماضي، كانت أنديتنا الرياضية والثقافية منها عبارة عن مقار صغيرة أو بيوت متواضعة يتم استئجارها كل بحسب مقدرته المالية باستثناء بعض الأندية الكبيرة التي كانت آنذاك تمتلك مباني خاصة بها، كالنادي الأهلي ونادي العروبة و نادي الفردوسي في المنامة ونادي البحرين في المحرق ونادي النهضة بالحد، بينما نجد اليوم أغلب أنديتنا الرياضية تمتلك مباني نموذجية بمنشآت رياضية حديثة كنا نحلم بمثلها قبل خمسين سنة!

في الماضي، كانت الأندية والفرق الرياضية تعتمد في إيراداتها المالية على اشتراكات الأعضاء وبعض التبرعات من الميسورين ودخل المباريات بالنسبة لأندية وفرق كرة القدم المتقدمة في الترتيب، والتي يحق لها اللعب علىا ستاد الاتحاد بالمحرق أو ستاد مدينة عيسى واستاد البحرين الوطني. أما اليوم فمصادر الدخل تتعدد بين دخل المشاريع الاستثمارية للأندية التي تمتلك مثل هذه المشاريع وبين الإعانة الحكومية، وما يلتزم به بعض الأعضاء المخلصين من اشتراكات سنوية، بالإضافة إلى الحصص المخصصة من إيرادات المسابقات المحلية وعوائد بيع وإعارة اللاعبين.

لو أردنا أن نقارن بين الحقبتين، بناء على تلك المعطيات، سنجد أن ما تتمتع به الرياضة عندنا في هذا الزمان من مكتسبات مادية ولوجستية يفوق بكثير جدا ما كان عليه الحال في الماضي القريب، غير أن المنظومة الرياضية في الماضي كانت تتميز بالأداء الإداري الحر الذي كان يتسم بالجدية والإخلاص، وهو ما جعل مخرجاتها من الكوادر الرياضية قادرة على مواجهة كل تلك التحديات وتسيير دفتها بنجاح ويكفينا فخرا أننا استطعنا آنذاك، وبذات الإمكانيات أن نستضيف النسخة الأولى من بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم بتميز ، كما حققنا نجاحا مماثلا في تنظيم و استضافة بطولة منتخبات الرجال الاسيوية للكرة الطائرة وغيرها من البطولات التي استضافتها المملكة في تلك الحقبة التي يحلو للكثيرون منا أن يطلقون عليها عبارة «الزمن الجميل».

اليوم، ونحن نعيش مرحلة ذهبية للإنجازات الميدانية، نجد السواد الأعظم من المجتمع الرياضي غير راض عن الأداء الإداري في الأندية والاتحادات الرياضية ولا حتى عن السياسات التي تدار بها هذه المؤسسات الرياضية والتي أصبحت تعتمد على الأهواء والمصالح الشخصية والمحسوبيات والمجاملات، الأمر الذي جعلنا نفتقد قاعدة «الرجل المناسب في المكان المناسب». وهذا ما أدى إلى تعالي الأصوات بإعادة النظر في اللوائح والأنظمة الخاصة بنظام العضويات، وتشكيل مجالس الإدارات وبالأخص في الأندية، بحيث تتضمن معايير ومؤهلات تضمن وصول الكفاءات المتخصصة في كل مجال من مجالات الإدارة والقادرة على الإيفاء بمتطلبات النقلة النوعية التي تعيشها الرياضة حاليا، من حيث التوسع العمراني للمنشآت الرياضية، وما يتعلق بها من مشاريع استثمارية، بالإضافة إلى المتغيرات المادية الكبيرة التي طرأت على عقود الإدارين ولمدربين و اللاعبين، وهي متغيرات تحتاج لدراسة جدوى تتناسب والمردودات المادية لمسابقاتنا الرياضية المحلية.