لم يعرف المواطن الخليجي الوقوف في صفوف إلا في الصلاة، ومن نعم الله أن المواطن الخليجي لم يعتد الوقوف في الطوابير، وقد طوعتنا جائحة فيروس كورونا لتفهم ثقافة الطوابير، رغم أن طوابيرنا لا تقارن بطوابير البؤس في الاتحاد السوفيتي على المواد الغذائية، ولا بطوابير سيارات الأمريكان أمام محطات الوقود في الأزمات. هذه مقدمة لا يجب التوسع فيها، لكن فرضتها رؤيتي اليوم لوكيل عريف من الحرس الوطني واقفاً في منتصف طابور محل أغذية، وقد ستر الله من نشوب معركة لإقناع منظمي الدخول بأن العسكري له الحق في أن يكون على رأس الطابور، وهذا ما حدث. مما أثار سؤالاً في ذهني مفاده إذا كان دور العسكري هو حماية الوطن فمتى يكون دور الوطن حماية العسكري؟!

لقد لاحظنا إخفاقات حكومات عدة في بناء مُجتمعات عادلة تصون أبناءها، لكنها حفظت جيوشها للذود عن حياض الوطن ولحفظ النظام القائم. وفي زمن فيروس كورونا لم تصدر بيانات أو أية معلومات عن الجيوش الخليجية توضح إصابة أحد من أفراد القوات المسلحة. ربما باعتبارهم جزءاً من الرقم الوطني المعلن يومياً، وفي ذلك حصافة حتى لا تنكشف الجاهزية العسكرية. ومن معضلات حماية الجيش من فيروس كورونا طبيعة تنظيم بناء القوات المسلّحة وهياكلها، بفروعها كافة، والتي من السهولة أن تكون، حاضنة وناقلة للأمراض في آن معاً لكثرة عدد الجند وصعوبة تباعدهم مما يعني تأثّر جاهزية القوات نتيجة انتشار الوباء مما قد يتطلب وضع وحدات بأكملها في الحجر الصحي لعدة أسابيع.

إن الجاهزية العسكرية في القوات الخليجية يجب أن تستند إلى قاعدة التطابق بين أهداف الاستراتيجيات المعتمدة وقدرة القوات على مواجهة التحديات المطروحة، ففيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط يجب أن يحدا من طموح مسألة الجاهزية كمبرر للحصول على ميزانيات إضافية، خارج الميزانيات السنوية المقررة.

* بالعجمي الفصيح:

في عملية تبادل أدوار نرى أن زمن فيروس كورونا يحتم أن يحمي الوطن الجيش، حتى يستمر الجيش في حماية الوطن في زمن لاحق، من خلال حفظ الجاهزية العسكرية، سواء بإبعاد وحداته عن التعرض للوباء أو بحفظ جاهزية القوات، أو بحفظ سر جاهزية القوات.

* كاتب وأكاديمي كويتي