العيد بات يملأ قلوبنا، فها قد مضت أيام شهررمضان الكريم، قضينا في الصيام والصلاة وقراءة القرآن، فسيملأ الفرح قلوبنا بالعيد لأننا وُفقنا للعبادة في هذا الشهر الفضيل، سنفرح في هذا العيد لأننا غنمنا طاعة الرحمن، لكننا هل سنحتفل بالعيد؟! الجواب حتماً لا، فعيدنا هذا بلا مظاهر فرح، فصمت المآذن يؤلمنا، فلا تكبيرات تصدح بها، ولا تجمعات لصلاة العيد، وهدوء وسكون، وصمت يخيم على شوارعنا فباتت ديارنا كمدينة مهجورة خلت من سكانها، ويح قلبي أعيد يحلو بلا تجمعات للأهل والأصدقاء والأحبة؟!! أعيد يحلو بلا ملابس جديدة نتفاخر بها بين الأحبة؟!!! أعيد يحلو بلا تجمعات في المطاعم، ولا برامج ترفيهية في الحدائق، والسينمات، قد أوصدت أبوابها في وجوهنا. ترى هل ستطرق الفرحة أبوابنا؟ أم أن عيدنا هذا «عيد زمن كورونا» سيخلو من الفرح وسنكتفي بتذكر أيام الأعياد الجميلة التي كنا نعيشها، ونتذكر احتفالاتنا السعيدة، فنستشعر نعماً كانت بين أيدينا لم نعرف قدرها، لكنْ عزاؤنا بأن تلك الغمة ستنجلي، وسيأتي عيد جديد، وسنحتفل، وسنلتقي، وسنفرح معاً، وسنتذكر عيداً مر بنا ليس كباقي الأعياد «عيد زمن كورونا» فسنضحك عندما نتذكر هذا العيد، وسنتندر على تلك الأيام!!!!

عيدنا هذا «عيد زمن كورونا» جعلنا نتأمل أحوال من يتجرعون كأس الغربة، حيث ابتعدوا عن الأهل والأصدقاء والأحبة، فيمر بهم العيد بلا احتفال وبلا فرح، وباتوا بعيدين عن أرض الوطن، بعيدين عن أهلهم وأحبتهم، أتراهم يعرفون للعيد طعماً؟!!

ما أقسى أيام الغربة ولعل قسوتها تزيد عندما يدرك الغريب أن أغلال الغربة ستظل مقيدة لفرحته إلى أجل غير مسمى، رباه إن للغربة سياط تلهب القلب، رباه إن للغربة سياطاً تفوق آلامها تلك السياط التي تنهال على الجسد.

وتساءلت، كم عربي بات يعاني من سياط الغربة بسبب الحروب، والصراعات بين الأحزاب، وكم عربي يمر به العيد وهو يعيش في مخيمات لاجئين فلا يعرف للعيد طعماً وربما لا يعلم أن موعد العيد قد حان، فأرحام أوطانهم قد اجهضتهم، فباتوا غرباء في أوطانهم لأن الأهل والأصدقاء والجيران والأحبة قد باتوا في بند الذكريات، فتكويهم لوعة الفراق لتزداد سياط الغربة حرارة، غربة على أرض الوطن، فالغريب من ابتعد عن أهله وأحبته، وها نحن اليوم قد تجرعنا رشفة من هذا الكأس، وكأن الله أراد أن يشعرنا بآلام أبناء بلاد العرب الذين شردتهم الصراعات والحروب. أترانا سنعتبر؟؟!!

أتراهم سيعتبرون؟! هل سيعتبر هؤلاء الذين ينشطون في الأحزاب والذين يوقدون نار الحرب بينهم، فيدفع ثمنها كل صغير وكبير، فيلجؤون لسياط الغربة هرباً من سياط الحرب التي تشتعل بين تلك الأحزاب!!!

أخيراً، دعونا نحتفل بالعيد في «زمن كورونا» مع أبناءنا، نزين منازلنا، ونمد موائد الحلويات والأطعمة اللذيذة، ونملأ البيت بالهدايا يفرح بها أبناؤنا ونفرح معهم، دعونا نلعب، ونتسابق، ونتنافس، فنزداد قرباً من أبنائنا، لا تدري لعل الله قد أرسل هذا الفيروس ليقربنا من أسرتنا بعدما شغلنا بنظام حياة جديد أبعدنا عنها، فتلك إحدى العبر من دروس «زمن كورونا».. ودمتم أبناء قومي سالمين، وكل عيد وأنتم بخير.