تعيد صحيفة الوطن نشر آخر حوار أجرته مع الغواص الراحل حسن جناحي، والذي وافته المنية اليوم في عرض البحر.

الحوار كان بتاريخ 10 أكتوبر2019

الغواص جناحي: لنتحد جميعاً من أجل بيئة بحرية نظيفة



حوار- مريم جاسم (طالبة إعلام في جامعة البحرين)

حث الغواص حسن جناحي الشباب على خوض تجربة الغوص في أعماق البحر لإمتاع أبصارهم بعجائب وسحر مخلوقات الله عز وجل. وقال جناحي في حوار لـ"الوطن" إن الثروة البحرية بشكل عام في العالم وفي البحرين معرضة لخطر كبير بسبب ممارسات البشر، داعياً البحرينيين إلى الاتحاد جميعاً من أجل بيئة بحرية نظيفة خالية من الشوائب.

وحسن جناحي شاب بحريني ثلاثيني، موظف في إحدى الوزارات الحكومية، حمله شغفه و حبه للبحر إلى الغوص إلى أعماقه و اسكتشاف كنوزه و خفاياه، فجعل ذلك فرصة لممارسة هواية التصوير ونقل ما يراه في عالم اللآلئ على مواقع التواصل الاجتماعي، ف
نشر صوراً كثيرة لمخلوقات غريبة.

وفي ما يلي نص الحوار:

متى بدأت تشعر بالانتماء للعالم البحري؟

انتمائي للبحر بدأ منذ نعومة أظافري حيث تربيت وعشت بين السواحل الذهبية، حيث كانت البيوت قديماً محاذية للبحر، كما نشأت في عائلة تعشق البحر والصيد فورثت هذا الحب وازداد بذلك فضولي لاستكشاف أعماق البحر.

هل هناك سر وراء محبتك للغوص؟

بدايتي كانت مع السباحة والحداق وكان ينتابني فضول كبير لما يخفيه عالم اللآلئ من كائنات وأسماك وكنوز، فلم أجد شيئاً يشبع فضولي في البحر إلا الغوص بالمعدات لمشاهدة ما يخفيه قاع البحر من خفايا و أسرار.

هل تعلمت السباحة بمفردك؟

دخلت في دورة تعليم سباحة عندما كنت في الخامسة من عمري في منتزه "عين قصاري" وحصلت على رخصة سباحة، وبعدها تعلمت السباحة ونميت مهاراتي بمفردي. وأول مرة غصت فيها كانت في العام2011 بعد تخرجي من جامعة البحرين. كما شاركت في مسابقات خاصة بالتصوير تحت الماء مما نمى في نفسي حب هذا العالم الجميل البعيد عن الضجيج.

ما أجمل و أسوأ شيء حصل لك وأنت في أعماق العالم الأزرق؟

أجمل شيء مشاهدتي لإبداع الخالق سبحانه ومخلوقات وكائنات جديدة بألوان وأشكال وأحجام مختلفة لم أشاهدها من قبل خاصة اذا تمكنت من توثيق هذه اللحظات بعدستي. وأسوأ شيء يمكن حصوله تحت الماء هو انعدام الرؤية وصعوبتها، فيصعب حينها مشاهدة عجائب الخالق والتقاط صورها.

ما رأيك بمقولة "البحر غدار" التي تعكس خوف الناس الشديد من البحر؟

لا أتفق مع هذه المقولة أبداً. نعم البحر غدار لمن لا يفهم في البحر ولا يحترم البحر وحالة الطقس ويخاطر ولا يلتزم بتعليمات الأمن والسلامة، أما من يتبع كل تعليمات الأمن والسلامة ويكون حذراً في الإبحار والغوص، ولا يغوص بمفرده فالوضع آمن ولا داعي للخوف.

كم عدد البحار والمحيطات الي مارست الغوص فيها وما أجملها؟

أغلب غوصي في بحر مملكة البحرين، وغصت في عدد من مناطق البحر الأحمر، وبحر عمان المطل على المحيط الهندي، وحول جزر المالديف، وفي مناطق من ماليزيا والفلبين، وأجملها تنوعاً كان الحاجز المرجاني العظيم في استراليا المطل على المحيط الهادئ.

من الملحوظ جداً كثرة غوصك في محمية بولثامة شمال البحرين، فما سر التعلق الشديد بهذه المحمية؟

هذه تعد أفضل منطقة من ناحية التنوع الحيوي تحت الماء في بحر البحرين، وتقع في منطقة بعيدة تبعد حوالي 70 كيلومتراً شمال جزيرة المحرق، وفيها وفرة في الشعاب المرجانية وتنوع في الأسماك والمخلوقات البحرية، ورؤية ممتازة ومناظر خلابة تحت الماء، لذلك تعلقت بشكل كبير بهذه المنطقة وفيها استطعت أن أوثق ما لا تراه الأعين من كائنات بحرية ساحرة.

كيف كان شعورك لحظة لقائك مع القرش الحوتي أكبر سمكة على وجه الكرة الأرضية؟

شعور لا يوصف من الحماس والسعادة، حيث انتظرت هذه اللحظة فترات طويلة خاصة في بحر مملكة البحرين. لحسن حظي تمكنت من التقاط صور وفيديوهات لهذه السمكة التي تعد أكبر سمكة على وجه الأرض.

هل راودك الخوف من القرش يوماً، خاصةً أن الأفلام تركز كثيراً على أنها مخلوقات خطرة و شرسة؟

أبداً، فنحن نمتلك قدراً من العلم والثقافة بأنواع القرش وما تمثله من خطورة، والغالبية الساحقة منها لا تمثل أي خطورة تذكر للبشر، والقرش الحوتي كائن عملاق ولكنه أليف يتغذى على الأسماك والعوالق الصغيرة.

هل الثروة البحريةمهددة بالخطر؟

نعم الثروة البحرية بشكل عام في العالم وفي البحرين معرضة لخطر كبير، فالدراسات العالمية تشير إلى أن المخزون السمكي حول العالم انخفض إلى مستوى الثلث، والأسباب تعود إلى الصيد الجائر والاستهلاك الكبير للأسماك، وبعض طرق الصيد المدمرة للبيئة البحرية، وكذلك التوسع العمراني على حساب المساحات البحرية، والتلوث الذي تسببه المخلفات البلاستيكية ومخلفات المصانع والبشر عموماً، وخطر كبير أيضاً بدأ يهدد الحياة البحرية هو ارتفاع معدل درجة حرارة الأرض وتسخن المحيطات ما يؤدي في النهاية لقتل الشعاب المرجانية التي لا تتحمل هذا الارتفاع في معدل درجات حرارة الماء.

حدثنا عن أسرار العالم الأزرق

أسراره لا تعد ولا تحصى، فمع كل غوص نكتشف سراً جديداً ومخلوقات جديدة بأشكال وألوان مختلفة تبهرنا، ونصادف موقفاً لم نصادفه من قبل. هذا العالم يحتل 70% من مساحة كوكبنا وفيه عجائب وأسرار لم تكتشف بعد، وما زال العلماء في كل عام يكشفون لنا أسرار جديدة مكنونة في هذا العالم العجيب.

في أي البحار ترغب بالغوص؟

أطمح بالغوص في جزر غالاباقوس شرق دولة الإكوادور في أمريكا الجنوبية، هذه الجزر فيها تنوع كبير من القرش والكائنات البحرية العملاقة لذلك أطمح لخوض تجربة الغوص فيها وتوثيقها.

هل ترى أنه من الممكن إنشاء أكاديمية أو معهد للتدريب على الغوص؟

لم لا، حالياً مراكز الغوص المعتمدة تقوم بهذا الدور، ويوجد حسب علمي أكثر من 40 مدرباً ومدربة للغوص بالمعدات في البحرين.

لماذا لا نسمع عن مسابقات للغوص في البحرين التي هي بلد الغوص و أيام الغواصين؟

في السنوات الأخيرة تم تنظيم عديد من المسابقات البحرية تحت اسم مسابقات الموروث البحري برعاية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، وفيها مسابقات خاصة باستخراج اللؤلؤ والصيد والتجديف وتهدف إلى إحياء تراثنا البحري بين الشباب.

هل ترى أن مجال الغوص مناسب للفتيات؟

لم لا، فهناك الآن العديد من الفتيات دخلن هذا العالم. وهناك مدربات معتمدات للغوص بالمعدات في البحرين، الأمور يعود إلى الشخص ورغبته وطموحه بغض النظر عن كونه رجلاً أو امرأة.

هل من كلمة أخيرة؟

أدعو الناس جميعاً للاتحاد من أجل بيئة بحرية نظيفة خالية من الشوائب. وأشجع الشباب البحريني لخوض تجربة الغوص في الأعماق لتغذية أبصارهم بعجائب وسحر مخلوقات الله عز وجل.