هذا العمود مر في فمي، تتدرج فيه الذكريات بين دموعي وآهات مكبوتة في صدري، فلا الدمع يكفكف آلام الرحيل ولا الوجع الكامن في النفس يخفف من لوعة الفقد، ولا حتى تصفح البومات الصور تجلب شيئاً من السلوى.

تتحشرج كلماتي لأرثي أخي فلا أجدها، أستعيرها من قاع التردد لتنبض حياة في هذه الكلمات التي لا توفي حق صاحبي حسن شيئاً.

كان الخبر فاجعة ولم أستوعب ما قيل لي في الهاتف من صديق، كان وقع الخبر قاسياً علي فأغلقت السماعة غير مستوعب لما قيل.

رددت لا حول ولا قوة إلا بالله داعياً الله أن يكون الخبر إشاعة أو مجرد تشابه أسماء، أعدت الاتصال مرة أخرى ليؤكد لي صاحبي أن المتوفى هو صديقك حسن!

رحلت يا حسن في خير شهور السنة مكملاً العدة مقبلاً إلى ربك، غرق جسدك وارتقت روحك للقاء بارئها.

رحلت يا حسن لتكسر قلوبنا وتتهاوى معنوياتنا لتستقر في قاع الحزن غير مصدقين رحيلك، تركتنا جزعين حين انطفأت عن هذه الحياة، جعلتنا نبكي ونحن مدركون أن بكاءنا لن يعيدك ولكنه يطبطب داخلنا مرضاة لقضاء الله وقدره.

لقد أثارت فاجعة رحيلك ومفاجآتها غصة في الحلق، وانحساراً لمدد الرفقة الجميلة، وانطفاء لشعلة نبل إنساني. وإذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق فقد ترك الدنيا وهي أحسن مما وجدها.. وفي هذا عزاء لنا وأي عزاء.

رحلت يا حسن يا أيها الصديق المؤتمن، والملاذ والمرجع في كل المحن، يا رفيق القرآن وصديق المشاريع وزميل العمل.

لقد رحلت عن الدنيا وأنت زائد فيها، ولم تكن يوماً زيادة عليها، وقد تركتها أحسن مما وجدتها مع إسهاماتك التي أحتاج لصفحات كثيرة لأسطرها.

أزف الرحيل وجفت الدموع قبل الأقلام ولا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون، فاللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها، واربط على قلوبنا واجبر كسرنا على فراق حسن الخلق والخلق.

بديع المحيا بشوش الوجه الإنسان المبارك الساعي للخير دائماً، قارئ القرآن ومعلمه، قدوة في الخير متميزاً في خدمة دينه ووطنه سفيراً للبحرين في عوالم البحار..

‏يغرق بحراً وتصعد روحه لبارئها، ويتركنا هنا لا نملك إلا الدعاء بقلب مكسور وشعور مختلط بالدموع.