حين شرع الاتحاد السوفيتي في تثبيت صواريخ نووية في كوبا، أوصى البنتاغون كنيدي بغزو الجزيرة. وفي 22 أكتوبر 1962 سارت السفن السوفيتية بالصوارخ متجهة إلى كوبا ثم تراجعت. وفي نهاية المطاف ظهر أن حقيقة النصر الأمريكي في المواجهة كان يخفي توصل الجانبين إلى اتفاق، تراجعت بموجبه سفن روسيا، وسحبت أمريكا صواريخ نووية كانت هي سبب الأزمة منشورة في تركيا وإيطاليا. المواجهة البحرية الثانية كانت في 2019 بين إيران وبريطانيا حين أوقفت السفن البريطانية ناقلة النفط الإيرانية «غريس1» المتجهة إلى سوريا، فما كان من الحرس الثوري الإيراني إلا أن اقتاد ناقلة النفط البريطانية «ستينا امبيرو» إلى ميناء بندر عباس، ويبدو أن رئيس الوزراء البريطاني الجديد في حينه بوريس جونسون لم يكن ليفرط بمنصبه الجديد من أجل ناقلة، فأمر سلطات جبل طارق بإطلاق الناقلة الإيرانية التي حققت هدفها وفرغت حمولتها في سوريا، بنصر إيراني.

الآن تجري نفس مكونات الأزمات البحرية السابقة، حيث تحاول ناقلات نفط إيرانية إيصال شحنة وقود إلى الحكومة الفنزويلية. ومما يحدث، يجب ألا يغيب عن أذهاننا، أن طهران تقوم بذلك لخلق جبهات صدام بعيدة، وكانت تخلط تمددها العسكري البحري بتمدد بحري بالسفن التجارية وناقلات النفط. وفي تقديرنا أن طهران تقوم بذلك لإعادة الحرارة للحصار القائم عليها والمنسي، فالنسيان هو ألد أعداء النزاعات، كما تعودنا أن طهران لا تكل من أخذ زمام المبادرة لاستفزاز واشنطن. وتقوم بتوسيع مفهوم محور المقاومة حتى لا ينحصر فقط على المناوئين للصهاينة بل وأمريكا. كما تفر من الحصار الذي خلقه تلاشي زبائنها النفطيين المهددين من أمريكيا، مستخدمة سلاح النفط نفسه. والمتوقع هو أن تصطاد واشنطن ناقلات النفط الايرانية في أحد الموانئ للتزود بالوقود بعد عودتها، وتطبق عليها قانون «إجراءات المصادرة» الذي فشلت في تطبيقه على «غريس 1» المتجهة إلى سوريا.

* بالعجمي الفصيح:

هددت أمريكا بمضايقة ناقلات الوقود الإيرانية المتجهة لفنزويلا، فحذرت طهران الأمريكيين برد فوري وحاسم. لكن ترامب ليس كينيدي وخامنئي ليس خروتشوف في أزمة الصواريخ الكوبية 1962. وما يقلقنا من صدام كهلين عنيدين قساة، أن الخليج قد يكون ساحة حسم الصراع الإيراني الأمريكي.

* كاتب وأكاديمي كويتي