بعد طول إجراءات احترازية اتخذتها أغلب دول العالم ضد تفشي وباء فيروس (كوفيد19)، ها هي الدول تقرر التخفيف من حدة تلك الإجراءات. بدأت عودة الطلاب التدريجية للمدارس. فتحت المحلات والأعمال أبوابها لاستقبال الموظفين المضطرين للعمل خارج المنزل. سمح للناس باستخدام المواصلات العامة وارتياد بعض المطاعم بعد تعميم الإجراءات الصحية للوقاية من عدوى الفيروس. فيروس (كوفيد19) الذي لف سيرته الكثير من الغموض والعودة للأساطير واستحضار نظرية المؤامرة، أقر الجميع أنه لا مناص من التعايش معه لتستمر الحياة.

في المنظور القريب، لا يبدو أن ثمة بارقة أمل «للقضاء» على الفيروس بالمعنى الدقيق لكلمة القضاء. فالأبحاث المختبرية مازالت حائرة أمام صفات هذا الفيروس، واعتماد لقاح آمن سيحتاج ما لايقل عن عامين لاختباره واعتماده وتعميمه. ولكن طول المعايشة لحالة التفشي العالمية للمرض كشفت عن جانب إيجابي يهون على البشرية، وهو أن الفيروس في حد ذاته ليس قاتلاً، وأن كثيرين ممن أصيبوا به مروا به ولم يدركوا ذلك. وأن من عليه أخذ حذره من الإصابة بالمرض هم أصحاب الهشاشة الصحية من كبار السن وضعاف المناعة وذوي الأمراض المزمنة والخطيرة. وهذه المؤشرات التي ثبتت في كل العالم، هي ما شجع الحكومات والشعوب على الاقتناع بفكرة استئناف الحياة الطبيعية مع أخذ الاحترازات الوقائية.

الفترة الطويلة التي قضاها الناس في الحظر، وفي تتبع أخبار تفشي الفيروس، والانشغال بإحصائيات الوفيات في كل أنحاء العالم، فضلا عن تراجع الوضع الاقتصادي نتيجة التوقف العام لدورة الحياة، وتأثير ذوي الدخل اليومي بنتائج الحظر والإغلاق الاقتصادي، يقسم الناس اليوم إلى فريقين، فريق بدأ يرفض فكرة خطورة الفيروس ويتمرد على الإجراءات الاحترازية ويرمي الكمامات ويعرض عن استخدام المعمقات. وفريق آخر مازال خائفا وغاضبا من إقدام الحكومات على استئناف الحياة وخصوصا فتح المدارس وإعادة تشغيل المواصلات العامة.

ولكن المنظور الواقعي لقوانين الحياة ثبت أنه لا يمكن للبشرية أن تنزوي في المنزل، كسكان الكهوف القديمة، وتستسلم للقدر المجهول. وأنه لابد من مواجهة الفيروس بالالتزام بالإرشادات الوقائية، وبإعادة إنعاش الحياة التي يهددها (كوفيد19) بالشلل.