بغض النظر عن صحة أو عدم صحة الشريط المسرب لحديث القذافي مع وزير الخارجية العماني، إلا أن الثابت وغير القابل للنقض هو أن «المشروع» الذي يتبناه اليسار الأمريكي الليبرالي والهادف إلى إسقاط أنظمة دول الشرق الأوسط وتقسيمها لدويلات صغيرة هو واقع وحقيقي وليس وهماً ولا تخيلاً وبلا مبالغة ولا عقدة نفسية اسمها المؤامرة، بل مشروعاً حقيقياً شهد به عدة زعماء عرب وثبتت صحته يوماً بعد يوم، وأن دور هذا «اليسار الليبرالي» في ما سمي بالربيع العربي دور ثابت بل والأهم أنه مستمر حتى اللحظة تؤكده تصريحات رموز هذا التيار ومرشحوه سواء للرئاسة أو للانتخابات الحزبية، وما تصريحات جو بادين والموجهة ضد المملكة العربية السعودية إلا واحد من مئات الأدلة الأخرى التي تؤكد ذلك.

والثابت الآخر أن لهذا المشروع حلفاء (عرب) ومؤيدين له وعلى رأسهم النظام القطري المكلف بتمويله، وأكدت تسريبات القذافي ذلك بل ولمحت إلى وجود حلفاء عرب صامتين غير النظام القطري الفاعل!!

المفارقة أن القذافي وقد كان موافقاً على هذا المشروع ومؤيداً وداعماً له أصبح واحداً من ضحاياه، وهذا ما سيحدث -على فكرة- لأي حليف عربي آخر يعتقد أنه سينجو إن سقطت المملكة العربية السعودية وأنه في منأى عن هذا المشروع، بل إن النظام القطري، ما إن تنتهي مهمته أو يشعر أصحاب المشروع عن عجزه عن التنفيذ أو نفاذ خزينته فإن مصيره سيكون مصير القذافي.

الدولة التي ستنجو من هذا المشروع هي الدولة التي يتوافق نظامها مع شعبها وتكون قادرة على حماية نفسها والقادرة على تأمين غذائها ودوائها وسلاحها.. نقطة ومن أول السطر.

المشروع مازال قائماً وله مؤيدون أوروبيون من اليسار الغربي الذي يظن أن دول الخليج تحكمها ملكيات لابد أن يؤل مصيرها إلى ما آلت إليه الملكيات الأوروبية، وإذا فاز جوبايدن الديمقراطي الأمريكي على ترامب فسيعود إحياء المشروع من جديد بقوة، فلا نجلس بلا حيلة آملين فقط أن ينتهي هذا اليسار الليبرالي من الوجود أو أن يسقط في الانتخابات.

الصراع سيتجدد وسنرى قريباً أعضاء من الكونجرس الأمريكي ومن البرلمان الأوروبي يسنون أنيابهم علينا وسيبدأ الهجوم والانتقاد وسيعمل المال القطري حتى آخر ريال في قطر لخدمة هذا المشروع وستبدأ وسائل التواصل الاجتماعي و بالأخص الفيسبوك وتويتر بحرف المحتوى وتجييره لمشروعهم وسنرى نشاطاً محموماً للحسابات الإخوانية والحسابات الإيرانية العميلة كلها تعمل بلا كلل في المرحلة القادمة.

وما لم نكن قد تحصنا شعبياً ورسمياً بتقوية جبهاتنا الداخلية وبدأنا نعمل على تقوية تحالفاتنا الدولية وتعزيزها وتنويعها وما لم نبدأ بوضع مشروع استراتيجي للأمن الغذائي والدوائي وتنويع محافظنا الاستثمارية فإن ما حدث في 2011 قابل للتكرار قريباً.

النظام الإيراني لن يتخلى عن مشروعه وعملاؤه من خلايا نائمة تنتظر ساعة الصفر وتركيا وقطر ستدعمان أي تحرك للإخوان تلك هي «الموارد البشرية» التي يعتمد عليه مشروع اليسار إلى جانب إحكام السيطرة على القوى العابرة للحدود (شركات ومنظمات إلخ)، فكونوا على استعداد وتعلموا مما فات.

مفارقة:

اكتشف القذافي قبل مقتله بأيام أن النظام القطري الذي تحالف معه والذي تآمر معه ضد المملكة العربية السعودية هو من تآمر عليه ويسعى لقتله، وهذا درس لمن يظن أن النظام القطري حليف له الآن!