السماح بالعودة الكلية أو الجزئية للموظفين إلى أعمالهم لا يعني أن الجائحة انتهت أو انتهى خطرها، وكذلك الأمر فيما يخص استئناف بعض شركات الطيران السفر من وإلى بعض البلدان أو استئناف الطيران الداخلي واتخاذ بعض الدول قرار فتح الباب أمام عودة السياحة، فالأمور لا تزال خارج السيطرة، والقرارات في هذا الخصوص لا تعدو تعبيراً عن أنه لا مفر من التعايش مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وأنه لابد للحياة أن تستمر، فمن دون العمل ومن دون تحريك عجلة الاقتصاد لا يمكن أن يتحقق ذلك، ومن دون هذا وذاك لا قيمة للحياة وليس فيها أي متعة. ولهذا جاء في القرارات ضرورة الالتزام بالتعليمات وأساسها التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والتوقف عن الممارسات التي هي من طبيعة المجتمعات كافة وأولها المصافحة حتى يأتي اليوم الذي تعود فيه الأمور إلى طبيعتها.

لا أحد يستطيع أن يحدد المدة الزمنية التي سيعيش الناس فيها كل ذلك، ولا أحد يستطيع أن يجزم بأن الفيروس سينقلع في وقت قريب حتى لو تم التوصل إلى اللقاح المنتظر، لكن الكثيرين يجزمون بأن الحضور إلى أماكن العمل والتواجد فيها لن يكون بعد الآن كما كان في السابق، فقد بينت التجربة أن الكثير من الأعمال لا تتعطل لو أنها أديرت من حيث يقيم الموظفون وأن التعليم أيضاً لا يتعطل بفضل التكنولوجيا وإمكانية التعلم عن بعد. وليس بعيداً أن يأتي اليوم الذي تقرر فيه بعض الشركات والمؤسسات وربما الحكومات أيضاً التوقف عن استئجار المباني وجعل كل موظفيها يداومون في بيوتهم، فطالما أن العمل يمكن إنجازه بهذا الأسلوب فما الذي يجعل تلك الجهات تحتمل قيمة إيجارات تلك المباني وما يستتبع ذلك من مصروفات؟

لكن هذا لا يعني أن المشكلة انتهت، حيث الوصول إلى هذه اللحظة يعني بروز مشكلات اقتصادية ومجتمعية جديدة لا تخفي على ملاك تلك المباني خاصة.