إن أحد أهم تداعيات أزمة فيروس كورونا (كوفيد 19) في دول الخليج هو إثارة موضوع العمالة الوافدة من جديد وإن كانت هذه المرة لأسباب صحية خشية من تفاقم تفشي الوباء من خلال الظروف المعيشية والسكنية لهذه العمالة. وبالطبع فإنه ليست المرة الأولى التي يثار فيها وضع العمالة الوافدة حيث ظل هذا الموضوع مثار جدل مستمر خلال العقود القليلة الماضية وإن كان لأسباب اجتماعية وسياسية مختلفة. وحسبما يبدو فإن هذا الموضوع سيستمر في إثارة الجدل في المستقبل وذلك لأسباب موضوعية أهمها في الواقع ما يتمثل في المظاهر التالية:

أولاً: ارتفاع نسبة العمالة الوافدة إلى مجموع السكان في دول المنطقة مقارنة بما هو عليه الحال في بقية دول العالم. وهذه النسبة المرتفعة للعمالة الوافدة تثير بالطبع مخاوف عديدة بعضها مرتبط باختلال التركيبة السكانية وبعضها قد تمثل مخاوف سياسية محتملة في حال استمرار هذا الوضع لفترة زمنية ليست بالقصيرة.

ثانياً: الظروف المعيشية والسكنية والصحية التي تعيشها غالبية هذه الفئات والتي أثارت وستستمر في إثارة كثير من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان هذا إضافة إلى مخاوف مستجدة تتعلق بالظروف الصحية واحتمال تفشي الأوبئة من خلال التكدس الكبير لهذه الفئات في ظروف معيشية وسكنية ضيقة هذا عدى عن ضعف إن لم نقل انعدام المستوى المطلوب من السلوكيات والممارسات الصحية لدى غالبية هذه الفئات وبخاصة غير المتعلمة منها.

تجاه هذه الأوضاع من الطبيعي أن تكون هناك ردود فعل سواء على الصعيد الشعبي أو على المستوى الرسمي تخوفاً من تفاقم هذه الأوضاع وخروجها عن السيطرة.

المطلوب فقط الحذر من الانفعالات وردود الفعل المبالغ فيها. فالمناداة بطرد العمالة الوافدة أو الإساءة إليها هي ردود أفعال مستهجنة وغير عقلانية. لا ننسى بأن هذه العمالة قد أتت وفقاً لرغبتنا وقد دخلت بلداننا بطرق مشروعة هذا إضافة إلى أن هذه العمالة قد ساهمت في تطوير بلداننا كما أنها ساعدت في سد عجز بعض الوظائف والأعمال ليس فقط الأعمال التي لا يرغب المواطنون فى ممارستها ولكن حتى على مستوى الأعمال والمهن الفنية كالأطباء والممرضين والمهندسين وأساتذة الجامعات والاستشاريين وغيرهم مما لا يتوفر لدينا العناصر الوطنية الكافية. وللحديث بقية.

* الرئيس السابق لصندوق النقد العربي