محرر الشؤون الدولية

كانت أحد المطالب الرئيسة للدول العربية الأربع لمكافحة الإرهاب "البحرين والسعودية والإمارات ومصر"، من أجل المصالحة وعودة العلاقات مع قطر، هو توقف الأخيرة عن دعم الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة والتوقف عن تمويل تلك التنظيمات التي سببت الخراب والدمار للمنطقة.

ودوماً ما يظهر اسم قطر في الأحداث المرتبطة بالعمليات الإرهابية أو دعم التنظيمات المتطرفة، حيث يتصدر اسم قطر مسرح العمليات الإرهابية حول العالم، فمع كل تفجير تضاف أدلة جديدة لرصيدها في دعم الإرهاب العابر لحدودها، على مرأى من أعين المجتمع الدولي ومؤسساته.



ومن بين المطالب الأساسية لدول الخليج أن تتوقف الدوحة عن تمويل الإرهاب ودعمه إعلامياً وإيواء عناصره، لما لذلك من مخاطر جمة على المنطقة بل والعالم. وقد حاولت قطر التملص من هذه المطالب بالادعاء بأنها بريئة من هذه التهمة، لكن يدحض الادعاء القطري والتي تؤكد تورطها في دعم الإرهاب سواء دعم التنظيمات الإرهابية العالمية كتنظيم القاعدة والتنظيمات المتفرعة عنه كجبهة النصرة في سوريا، وتنظيم داعش، أو دعم الدولة الراعية للإرهاب في المنطقة وهي إيران، وكذلك دعم التنظيمات الإرهابية التابعة لها ومنها تنظيمات حزب الله اللبناني والحوثيين وسرايا الأشتر وحركة أحرار البحرين وغيرها، وكذلك دعم تنظيم الإخوان المسلمين وغيره من التنظيمات التي تعمل في المنطقة برعاية من حكومة الدوحة.

وقد أكدت البحرين أن قطر هي من وقفت وراء "الأحداث المؤسفة" التي شهتها البلاد في العام 2011، مرجعة الأمر إلى نتائج توصل إليها خبراء بحرينيون في الشبكة العنكبوتية قالوا إن "الحساب الداعي لأول تظاهرة كان عنوانه قطري"، وفقاً لتقرير وكالة أنباء البحرين "بنا" وبثه التلفزيون البحريني.

وجاء في تقرير "بنا" أنه "يوماً بعد يوم تتكشف رموز المشروع التآمري القطري في أحداث البحرين المؤسفة عام 2011، التي أريد لها أن تكون سبباً في قلب نظام الحكم الشرعي في البلاد، تحقيقاً لهدف النظام القطري الذي سار بحذاء مشروع نظام الولي الفقيه لمستقبل المنطقة. فوضى ودمار وتآمر وتخطيط، استودعها النظام القطري ضمائر رخيصة لا تريد الخير للبحرين، وتعاملت معها قيادة مملكة البحرين بحكمة وحزم، قلّ نظيره في التعامل مع تلك الأحداث".

وأضاف التقرير، "أطلقت قطر الشرارة الأولى التي أشعلت الفوضى والتخريب في البحرين، فاستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة الفتنة عبر مخطط شامل اعتمد الدعم المالي والإعلامي واللوجستي لأعمال العنف والإرهاب في البحرين.. وأن خيوط المؤامرة تعود إلى يوم 26 - 1 - 2011 أي بعد يوم واحد من بدء الاحتجاجات في جمهورية مصر العربية في سياق ما سمي بالربيع العربي، انطلقت الشرارة الأولى للحراك في البحرين حيث كتب حساب يدعى "صاحب الأحبار"، موضوعاً في موقع "ملتقى البحرين"، يدعو من خلاله إلى تحديد يوم للخروج في البحرين والادعاء بالتوافق على تاريخ 14 فبراير 2011، وبعدها وفي مخطط واضح المعالم، انتقل إلى مرحلة تحديد المكان للتجمع".

وفي تغريدة على حسابه على "تويتر" اتهم تلفزيون البحرين الرسمي قطر بـ "التنسيق لقلب نظام الحكم" في المملكة.

وأورد التقرير أنه في 2011 أجرى رئيس الوزراء القطري يومها، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، اتصالاً بعلي سلمان، الذي كان حينها زعيم جمعية الوفاق أكبر أحزاب المعارضة البحرينية، طالباً منه دفع المتظاهرين إلى الشوارع لتشديد الضغوط ضد الدولة.

وباشرت النيابة العامة البحرينية تحقيقاتها بشأن المحادثة الهاتفية، بحسب ما أعلن النائب العام علي البوعينين، وأعلن أن مضمون المحادثة يشكل "جناية تخابر مع دولة أجنبية بقصد الإضرار بمصالح المملكة".

وتصر الدوحة على إثارة الفتن والتأجيج والتدخل السافر المعتاد منه في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وتوظيف قناة "الجزيرة" في إطار حملتها المستمرة ضد البحرين.

وفي مصر، تتهم السلطات في القاهرة الدوحة بدعم جماعة "الإخوان المسلمين" المصنفة على قائمة الإرهاب وتأجيج التوتر في البلاد إبان ثورة 25 يناير 2011، وثورة 30 يونيو 2013.

وفي اليمن، تتهم الحكومة الشرعية الدوحة بالعبث بأمن البلاد، من خلال دعم المتمردين الحوثيين بالأسلحة والتمويل الإعلامي عبر قناة "الجزيرة"، فيما تشارك في تنفيذ المشروع الإيراني بالمنطقة.

وتدعم قطر الجماعات المسلحة والميليشيات في العراق، لاسيما حزب الله العراقي وميليشيات "الحشد الشعبي".

وفي سوريا، تدعم الدوحة تنظيم "فتح الشام" "جبهة النصرة سابقاً"، بالإضافة إلى تنظيمات إرهابية أخرى تؤجج التوتر في الشمال السوري.

وفي لبنان، تقدم الدوحة الدعم المبطن لـ "حزب الله" اللبناني.

في سياق متصل، أثار بيان لتنظيم داعش الذي يندد بقطر ودور قاعدة العديد في استهداف التنظيم تساؤلات بشأن توقيته، خاصة أنه لم يرتبط بأي مناسبة كما أنه ذكر قطر دون سواها، ما يوحي بوجود رسائل خاصة من وراء هذا البيان في علاقة التنظيم الأكثر دموية بالدوحة التي قد تكون في حاجة إلى بيان لـ "تبرئتها"، في الذكرى الثالثة للمقاطعة، بحسب صحيفة "العرب" اللندنية.

ووجه تنظيم داعش تهديداً لقطر التي اتهمها بتقديم الدعم للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وذلك في تسجيل جديد للمتحدث باسمه نشره على صفحة التنظيم في تطبيق تلغرام.

واتهم المتحدث باسم التنظيم أبوحمزة القرشي قطر بـ"تمويل" فصائل منخرطة ضد الجهاديين في سوريا والعراق.

ولاحظ خبراء في أنشطة التنظيم المتشدد أن البيان جاء لتسجيل موقف من قطر، وهو ما يعني أن الهدف إما أن يكون الضغط عليها لزيادة الدعم أو توفير البدائل في ذلك، في وقت ربما تخلت فيه الدوحة عن تمويل حلفائها، ولو بشكل مؤقت، بسبب خسائر كورونا التي زادت من الضغوط على اقتصاد يعيش حالة ركود نتيجة المقاطعة التي تقترب من عامها الثالث، ولم تتحرك السلطات القطرية لإنقاذ العلاقة مع الدول المقاطعة بسبب المكابرة السياسية، بحسب "العرب" اللندنية.

في الوقت ذاته، تتصدر الدوحة المشهد السياسي بسبب الفضيحة التي طالتها، بعد أن كشف تسجيل مسرب لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مكالمة صوتية جمعت بين رجل الأعمال القطري، خليفة كايد المهندي، والسفير القطري في مقديشو، حسن بن حمزة هاشم.

وقال المهندي في التسجيل، إن مسلحين نفذوا تفجيرات في ميناء بوصاصو الصومالي، لتعزيز مصالح قطر.

وللوقوف على الأسباب التي تدفع قطر للعبث في أمن الصومال تحديداً، قال رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب جاسم محمد، "توجد علاقة وثيقة بين قطر والتنظيمات المتطرفة مثل حركة الشباب الصومالية، والتي تسعى الدوحة من خلالها إلى إطالة أمد الفوضى في الصومال".

واعتبر محمد أن هدف قطر من بث الفوضى في الصومال، هو "منح نفسها مبررا للتدخل هناك، سواء على المستوى الاقتصادي كالحصول على صفقات، أو للسيطرة على بعض الممرات البحرية، خاصة وأن الصومال مرتبطة بالقرن الأفريقي الذي يتمتع بأهمية كبيرة".

وأشار إلى أن قطر "تحاول نقل المواجهة مع دول المقاطعة الأربع، إلى جبهة ثانية هي الصومال، بالتعاون مع تركيا، لتعيق أي تنمية أو جهود تبذلها تلك الدول لإعادة الوضع الطبيعي إلى الصومال".

وتطرق رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، إلى سبب مهم يدفع قطر إلى التدخل بهذه القوة في الصومال، وهو أن الأخيرة بمثابة "حديقة خلفية" لليمن، وبالتالي فإنها المغذي الرئيس لقيادات التنظيمات الإرهابية في اليمن، وعلى رأسها القاعدة، التي ترتبط بها بعلاقات وثيقة، وذلك لمواجهة أي جهود من التحالف العربي لتسوية الأوضاع في اليمن".

بدورها، سخرت صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية من تقديم قطر، راعية الإرهاب في العالم، لدولة مالي 24 آلية عسكرية، بدعوى مساعدتها في حربها ضد الإرهاب.

ورأت الصحيفة أن الخطوة القطرية بمثابة انفصام يعاني منه النظام الحاكم، واعتبرت الخطوة، وإن كانت لا تنطلي على أحد، تثير السخرية بعد ثبوت دعمها لشبكات إرهابية في شمال باماكو.

وقالت إن "قطر تزعم مساعدة مالي في حربها ضد الإرهاب بإرسال 24 مدرعة عسكرية لها"، مؤكدة أن "الدوحة بعد زرع الإرهاب في باماكو ترسل مدرعات لتحاربه".

في الوقت ذاته، يرى مراقبون ومحللون أن "دول الساحل والصحراء - مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد، وموريتانيا - تعد هي الفناء الخلفي لقطر في دعم وتمويل الإرهاب".

وقد كشف تقرير أعدته مؤسسة "ماعت جروب" عن ما تقوم به قطر لدعم التنظيمات الإرهابية، من خلال المنظمات الخيرية، التي تعمل كغطاء لتمويل الجماعات المسلحة في سوريا وغيرها، وعلى رأس هذه المنظمات "راف" الخيرية، والتي تعمل على تمويل جبهة النصرة في سوريا، والتي تستغل أعمالها الإنسانية في أعمال التطرف والإرهاب.

وأوضح التقرير أن مؤسسة راف القطرية، يترأسها ثاني بن عبد اللاه آل ثاني، عضو الأسرة الحاكمة في قطر، لها علاقات وطيدة بعدد من الجمعيات في تركيا، والذين يعملون على دعم الإرهاب في سوريا وليبيا وغيرها من دول الصراع، ولم يتوقف فقط دورها على ذلك بل إن التمويل القطري للجماعات المسلحة وصل إلى أفريقيا وخصوصاً شمال مالي والسودان وغيرها من خلال هذه الجماعات الإرهابية التي تمول من المنظمات الخيرية، التي تهدف إلى ضرب وزعزعة استقرار الدولة السمراء من أجل السيطرة على ثروات البلاد.