حدثني مسؤول في القطاع الخاص بعد موضوع «خطر استراتيجي» الذي نشر الأسبوع الماضي وبين لي أن هناك الكثير الذي من الممكن القيام به لتقليل الاعتماد المفرط على الأجانب في الأعمال خاصة في البحرين.

ومن بين مقترحاته هو مراجعة نسب البحرنة للأنشطة التجارية وزيادتها تدريجياً خاصة وأنها لم تتغير أو تزيد منذ سنوات. ويوضح المسؤول أن النسب المشترطة بسيطة ولا تراعي الأفواج الكثيرة التي تخرجت والمتعطشة لفرصة عمل أو النضج والخبرة اللذان وصل إليهما الموظف البحريني منذ بدء فرض نسب البحرنة. وعلى الرغم من تشكيك البعض في جدوى البحرنة واعتبارها معرقلة للتنافسية واستقطاب أفضل الكفاءات إلا أنها تبقى أنجع الحلول حتى الآن لإعادة التوازن لسوق عمل يفضل الأجنبي على البحريني غالباً.

كما يقترح المسؤول تحديد نسب معينة من كل جنسية على كل نشاط تجاري «أو صاحب عمل» على ألا تزيد نسبة جنسية معينة عن الأخرى، ما عدا البحريني. ومن خلال هذا المقترح الذي يبدو أنه مطبق في إحدى الدول الخليجية يتم تقليل استحواذ جنسية أجنبية معينة على النشاط التجاري وبذلك تقل الإستعانة بالأهل والأصدقاء من نفس الجنسية لتسيير عمل النشاط كما هو حاصل الآن من خلال السجلات المؤجرة بالباطن مثلاً.

وكلنا نعلم أن هناك تكتلات كبيرة للأجانب «عادة من جنسية واحدة» تسيطر على عدة نشاطات تجارية وتتحكم فيها. كما أن نفس هذه التكتلات موجودة في العديد من البنوك والمؤسسات والشركات وتحارب أي «غريب» يرميه القدر وسطها.

وفي نفس السياق استوقفتني «فضفضة» لقريبة لي قالت فيها إن البنك العالمي الذي تعمل فيه مكون تقريباً من جنسيتين أجنبيتين مع حضور رمزي للبحرينيين. فالوظائف العليا أغلبها موزعة على هاتين الجنسيتين من رأس الهرم الوظيفي إلى المدراء التنفيذيين وصولاً إلى المدراء والرؤوساء.

نعم، تخيلوا أن هذا يحصل في 2020 أي بعد أكثر من 40 عاماً منذ أن استقطبنا البنوك في السبعينات وجعلنا البحرين عاصمة إقليمية للعمل المصرفي وبعد أن أصبح لدينا أفضل الكوادر وأنجحها في المنطقة! والذي يزيد الطين بلة، هو وجود غير بحرينيين في وظائف ليست من صلب عمل البنك core business، مثل الموارد البشرية والعلاقات العامة، وكل وظيفة من هذه الوظائف غير الأساسية راتبها آلاف الدنانير يضاف له بدل سكن ألف دينار واشتراك في منتجع خمس نجوم بقيمة ألف دينار وتأمين صحي «ألماسي» لكل أفراد العائلة وبدل رسوم للمدارس بواقع ألف دينار لكل طفل.

وأتساءل، هل لدينا شح في الكوادر المؤهلة علمياً وعملياً ولغوياً في تخصصات مثل الموارد البشرية والعلاقات العامة، كي يتم الاستعانة بأجانب؟! ألم نخرج ونؤهل المئات والمئات في هذين التخصصين بالذات على مدى عقود؟!

الرزق من عند الله، ولا شك في ذلك، وعسى أن يبارك الرحمن لهم جميعاً في مدخولهم، لكن إلى متى نرى ونتابع هذه الحالات الكثيرة ونحن على يقين أن المسألة ليست كفاءة أو اجتهاداً أو خبرة قدر ما هي «واسطة» و«شللية» وتكتلات لأجانب؟!