لا يزال يحدوني الأمل لتحقيق حلم قديم جديد، وهو توظيف الأوقاف لدعم وتطوير المستشفيات، فعندما قمت ببحث الماجستير حول الوقف وأثره على الحياة الاقتصادية في مملكة البحرين، وقمت بالتعرف على المجالات التي يدعمها الوقف بالبحرين، تبين أن غالبية ريع الأوقاف يخصص للرعاية الدينية مثل: إنشاء وصيانة وإدارة المساجد والمقابر، حيث تصل نسبة المدفوعات «87 %»، ونسبة «13 %»، لدعم احتياجات الأسر كدعم التعليم والصحة وتوفير المواد الغذائية وغيرها، قد أوصيت في خاتمة الدراسة بإعادة النظر في التوسع في المجالات التي يدعمها الوقف بالبحرين؛ ليتجاوز دعم المساجد والمقابر للتركيز على دعم قطاعات أخرى وتطويرها، كأن توقف مباني لدعم مستشفى متخصص لمرضى السرطان، أو مرضى القلب أو غيره أو دعم جامعة وغيرها.

وكم طرقت الأبواب مطالبة بالتغير وإعادة النظر في منظومة الأوقاف في البحرين، ولكن أعتقد أن فيروس كورونا (كوفيد 19)، قد علمنا درسا مهما وهو ضرورة توفير مصدر تمويل مستمر لدعم المستشفيات، ومراكز الأبحاث الطبية. ولعل حملة «فينا خير» التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب مستشار الأمن الوطني رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، لحفظ سلامة مملكة البحرين، قد بينت مدى تكاتف المجتمع البحريني، حيث تفاعل جميع فئات المجتمع من مواطنين، ومؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات القطاع الأهلي، حيث قدموا التبرعات حتى بلغت قيمتها أكثر من مئة مليون دولار أمريكي، وتلك فرصة مناسبة للاستفادة بجزء من هذه المبالغ لإنشاء أوقاف تدعم المستشفيات وأهمها المستشفى العسكري، والذي قام بدور جبار لمواجهة هذه الجائحة.

إن إنشاء وقف يستخدم ريعه لدعم المستشفى، ومراكز الأبحاث والتدريب التابعة له يعزز قدرة هذه المؤسسة لمواجهة مثل هذه الأزمات، ويضمن تقويتها، واستدامة تمويلها، كما يعطي الفريق الطبي الأريحية في الحصول على تمويل لشراء الأجهزة والمواد الطبية، ولإعداد الكوادر الطبية كصفوف جديدة لضمان استمرارية قوة أداء هذه المؤسسة الطبية المميزة. فتسطيع هذه المؤسسة مواجهة مثل هذه الأزمات الصحية وإدارتها، كما حصل في مرحلة انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) على أن تكون هذه الأوقاف تحت إشراف وتصرف إدارة المستشفى مباشرة.

إن تخصيص جزء من التبرعات المحصلة من حملة «فينا خير»، لإنشاء أوقاف لدعم القطاع الصحي يزيد من الأجر والثواب للمتبرعين، فإن الوقف من الأعمال الصالحة التي يستمر أجرها وثوابها للواقف حتى بعد موته، فالوقف هو صدقة جارية لقوله صلى الله عليه وسلم «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». «رَوَاهُ مُسْلِمٌ».

وأرى أن زمن «كورونا» هو فرصة لازدهار الأوقاف في البحرين وإعادة النظر في توظيفها وتنويع المجالات التي تدعمها، وتغيير منهجية إدارتها، بالاستفادة من المبالغ المحصلة في حملة «فينا خير».. ودمتم أبناء قومي سالمين.