خلال السنوات الماضية، وتحديدا عند تشرفي بتمثيل أبناء الشعب تحت قبة البرلمان، طرح موضوع المرصد الوطني لسوق العمل أو إيجاد بنك وظائف ضمن آليات شفافة وواضحة مرات عديدة، إلا أن الواقع لا يشي بوجود استراتيجية واضحة لأجل لذلك.

ولعل الضجة التي أحدثها تصريح أحد المسؤولين بشأن تخصيص منصة إلكترونية للعمالة الأجنبية لتوفير العمل لها، يجعلني أجد من الأولوية الحديث عن المنصة الوطنية لتوفير الوظائف للمواطنين البحرينيين الذين يصرفون سنوات عديدة من حياتهم بحثا عن فرصة وظيفية تؤمن لهم ولأسرهم العيش الكريم.

إن الفرصة باتت سانحة حاليا أكثر من أي وقت مضى لتقوم وزارة العمل بتدشين منصة إلكترونية متكاملة يستطيع المواطنون الكرام من خلالها الاطلاع على بنك الوظائف المتوفرة، ومقارنتها مع مؤهلاتهم، وتقديم طلبات الترشح لتلك الوظائف بطريقة سهلة وسلسة، بدلاً من الآليات التقليدية التي يضطر المواطن أن يزور مكاتب التوظيف في وزارة العمل لفترة قد تستمر لسنوات، من دون نتيجة واضحة، نظراً للانتقائية غير الموضوعية للوظائف التي تتناسب مع الباحثين عن عمل في الكثير من الأوقات.

ولا شك في أن إيجاد مرصد وطني لسوق العمل لن يؤتي أكله إذا لم تفعل وزارة العمل مشروع المعايير المهنية الذي طالما تغنت به على أرض الواقع، فقبل أن نقلص فجوة مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل، نحتاج أن نحدث حالة من الانسجام بين الوظائف المعروضة والمؤهلات، فلا يعقل أن أعرض على مهندس وظيفة سائق باص، أو على خريج تقنية معلومات وظيفة موظف استقبال!

ولابد أن نفكر بشكل جدي في نسبة البطالة المتوقعة في الفترات المقبلة، وأن تطرح الجهة المعنية خطة واضحة للعيان، فلا يكفي أن يطلع علينا وزير العمل ليقول «سنتصدى لأي محاولة استغناء عن القوى العاملة الوطنية بشكل غير قانوني أو المس بحقوقهما ومكتسباتها الوظيفية»، لأن هذا الكلام في نفسه يثير تساؤلا فيما إذا كان هناك «استغناء قانوني» عن العمالة الوطنية.

نحن اليوم بحاجة للخروج من صندوق التصريحات الفضفاضة إلى الواقع الفعلي، لدينا أبناء وبنات من الخريجين البحرينيين يمتلكون أفضل المؤهلات والمهارات، ولكنهم يظلون لفترات طويلة من دون عمل يستقرون فيه، فضلا عن وجود آلاف الخريجيين يدخلون سوق العمل سنوياً، ونحتاج لرؤية واضحة لاستيعابهم، من دون مبادرات مؤقتة، أو معالجات موضعية مثل المعارض الوظيفية التي «إن سقت فإنها لا تروي».