محرر الشؤون المحلية

على الرغم من إيجابياته وسلبياته، وما تحمله من تبعات قد تهدد العلاقات الزوجية، إلا أن ارتباط البحرينيين بأجنبيات أصبح اضطرارياً في بعض الحالات، أجملها البعض في عزوف البحرينية عن الزواج من بني جلدتها وخصوصاً إذا كان متقدماً في العمر أو إذا كان يعاني أمراضاً مزمنة رغم اختلاف الثقافات.

وأوضحوا لـ"الوطن"، أن هناك إيجابيات أجملها البعض في "كلمتي ما تصير كلمتين"، و"عدم متابعة الموضة"، و"لا نعرف المطاعم إلا نادراً"، و"ما تروح بيت أهلها يومياً"، و"لا هدايا لحفلات"، يقابلها سلبيات أبرزها طول وصعوبة إجراءات الزواج حيث تصل إلى 16 معاملة.



ولفتوا إلى أن من السلبيات أيضاً، عدم ضمان السماح لها بدخول البحرين حالة كونها غير خليجية، وعدم وجود الوقت الكافي للسؤال والبحث عن زوجة المستقبل وأهلها، ما يجعل البعض عرضة لعمليات النصب كتزويجه من امرأة متزوجة.

يأتي ذلك، في وقت أظهرت الأرقام الصادرة من وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، تزايد معدل إقبال البحرينيين على الزواج من أجنبيات في العام 2019 بنسبة 14.5% عما كانت عليه في 2018، إذ كانت نسبة زواج البحرينيين بأجنبيات 21.4% العام 2018 من العدد الكلي للزيجات، وارتفعت النسبة لتصل إلى 24.5% عام 2019.

وبينت الأرقام أن عدد زواج البحرينيين الذكور، كان 5014 عام 2018، وكان عدد زواجهم من غير بحرينيات 1074 زيجة، وانخفض عدد زيجات البحرينيين الذكور العام 2019 إلى 4565، في حين ارتفع عدد زواجهم من غير بحرينيات إلى 1120 زيجة.

أرقام تدفع للتساؤل عن السبب الذي يدفع الشباب البحريني للزواج من فتاة لا تحمل جنسيته، خصوصاً لمن يتزوج تقليدياً، على الرغم من صعوبة الإجراءات التي يواجهها مقارنة بزواجه من بحرينية، إضافة إلى أن رفض إدارة التأشيرات والإقامة إصدار تأشيرات لدخول البلد لزوجات المواطنين "غير الخليجيات" في بعض الأحيان، فضلاً عن تغير الثقافات، واختلاف العادات والتقاليد.

المواطن حسين جواد، متزوج من فتاة من جنسية عربية، قال في حديثه لـ"الوطن": "بالنسبة لي، تأخرت في الزواج إلى أن بلغ عمري 40 عاماً، مما جعل حظوظي تتضاءل في العثور على فتاة بحرينية، إذ تقدمت لأكثر من فتاة، وكانوا يرفضوني بسبب سني، رغم أن بعضهن كن في الثلاثين من العمر، لذلك عقدت العزم على الزواج من خارج البلد، وتواصلت مع أشخاص متزوجين من نفس البلد، وسهلوا لي الأمر".

وتابع: "زوجتي لديها قريبات متزوجات من بحرينيين، وتختلف ظروف أزواجهم، فمنهم من هو مصاب بمرض مزمن يجعل البحرينيات يرفضنه، وآخر منفصل ولديه أبناء، ولم يوفق للزواج من بحرينية، وثالث عزف مباشرة من الزواج من بحرينية بعد تجربة فاشلة، وقرر السفر للخارج للزواج، ورابع زيجة ثانية".

السلبيات والإيجابيات

وأضاف حسين جواد: "بطبيعة الحال هناك سلبيات وإيجابيات، ويختلف ذلك من جنسية لأخرى، أنا سأتكلم عن زوجتي مقارنة بما أسمعه من أصدقائي المتزوجين من بحرينيات".

ويقول "هناك 5 إيجابيات، الأولى "كلمتي ما تصير كلمتين"، والثانية "عدم متابعة الموضة والماركات"، والثالثة "ما نعرف المطاعم إلا نادراً"، والرابعة "ما تروح بيت أهلها يومياً"، والخامسة "ننسى شي اسمه هدايا لحفلات".

وأردف: "أما بخصوص السلبيات، فالسلبية الأبرز هو طول الإجراءات والتي تصل إلى 16 معاملة، مقارنة بـ3 معاملات عند الزواج من بحرينية، والثانية عدم ضمان السماح لها بدخول البلد في حالة كونها غير خليجية، والثالثة شح المصادر عند البحث عن الزوجة وعدم وجود الوقت الكافي للسؤال والبحث عن البنت وأهلها، الأمر الذي جعل البعض عرضة لعمليات النصب كتزويجه من امرأة متزوجة، والسلبية الرابعة اضطراراك للسفر بها لزيارة أهلها بحسب الظروف".

الوضع المادي للفتاة

المواطن محمد الحايكي، الذي خاض تجربة زواج فاشلة من فتاة من جنسية عربية، قال لـ"الوطن": "كانت لدي ظروف اجتماعية جعلت زواجي من بحرينية أمراً متعذراً، لذلك لجأت للزواج من فتاة غير بحرينية، وتواصلت مع أشخاص متزوجين من ذلك البلد، وسهلوا لي مهمة البحث عن الفتاة".

واتفق الحايكي مع ما ذكره جواد حول السلبيات، وعلق على الإيجابيات: "هذا لا يختلف من جنسية لجنسية فحسب، بل يختلف من فتاة لفتاة، بالنسبة لي لم أشعر إلا بإيجابية عدم ذهابها إلا أهلها يومياً".

وعن أسباب انفصاله، قال الحايكي: "السبب المباشر هو عدم الاستقرار الأسري، حيث تريد الزوجة باستمرار الذهاب لزيارة أهلها، الأمر الذي أدخلنا في مشاكل، وجعلنا نتجه للطلاق في النهاية رغم وجود بنت لي منها، والآن ابنتي معها في حضانتها في بلدها".

وحول رأيه في الزواج من غير بحرينية بعد تجربته الفاشلة، قال الحايكي: "لا أستطيع أن أعمم تجربتي على الجميع وهناك كثيرون متزوجون من غير بحرينيات وأمورهم مستقرة، أما حالتي فكانت خاصة".

وأردف "أعتقد أن السبب المباشر كون طليقتي من أسرة وضعها المادي جيد، لذلك لم تصبر على الغربة، بخلاف البنت القادمة من بيئة فقيرة".

المحامون: الحضانة المشكلة الأبرز

من جانبها، قالت المحامية ابتسام الصباغ: "لا أعرف ما هي إيجابيات الزواج من غير بحرينية، ولكني سأتحدث عن المشاكل التي مرت علينا من واقع عملنا في المحاكم، وأبرزها أن تغادر البلاد وتأخذ الأبناء وينحرم الأب من رؤية الأبناء".

ويقول "مثال على ذلك رجل بحريني تزوج امرأة عربية وغادرت البحرين مع الأبناء دون علمه وموافقته، ورفعت دعوى طلاق في بلدها وبعد الطلاق تزوجت هناك وعاشت عشرين عاماً في بلدها حارمة الأب من أبنائه، وكان المواطن يسافر ويحاول معرفة مكانها، ووضع محامين وأنفق كثيراً من الأموال دون جدوى، وبعد أن تطلقت من الزوج الثاني طلبت أن تعود البلاد لكي تنتفع من الخدمات التي تقدمها الدولة باعتبارها أماً لأبناء بحرينيين".

وتابعت: تتكرر كثيراً المشاكل، ومنها أن الزوج لا يستطيع أن يوثق عقد الزواج في المحاكم الشرعية، لأن العقد يكون تم في بلد الزوجة مدنياً حسب قانون تلك الدولة، أو يكون الزواج تم في كنيسة، وفي حالة تعذر توثيقه بالمحاكم الشرعية، فإنه يتعذر أيضاً إصدار تأشيرة لدخولها، كما أن الزوج قد يواجه مشكلة في استصدار تأشيرة دخول وإقامة للزوجة غير البحرينية حتى لو كان الزواج موثقاً بالمحاكم الشرعية البحرينية".

وأضافت: "تختلف العادات والتقاليد من بلد إلى بلد، وهذا قد يكون سبب للغبن أيضاً.. مرت علي حالة تفاجأ الزوج فيها بكتابة مهر سبائك ذهبية تقدر بمئات الآلاف من الدنانير، بينما كان يعتقد أنه يقدم لها مصوغات ذهبية حسب قدرته".

وأضاف "كما مرت حالات لزوجة أجنبية تغادر بلدها فجأة وتترك الأبناء، وتكرر مشاكل الخيانة وتزيد إذا كانت الزوجة غير بحرينية، فهناك مواطن بحريني كثير السفر، وفي إحدى المرات علم من الجيران أن زوجته تدخل رجل ليلاً من جنسيتها، وتم إبلاغ الشرطة وشهد الخدم الموجودون في المنزل أنها تختلي به في غرفتها خلال سفر الزوج، وتطلب منهم غسل ملابسه وكيها وأنه دائماً يتردد عليها".

وأردفت: "حتى نكون منصفين، هناك حالات تتعرض الزوجة الأجنبية الغريبة لعنف اقتصادي أو مادي ومعنوي وليس لها أهل وقدرة مادية وتواجه ظروفاً قاسية وتضحي بأبنائها ويدفع الأطفال الثمن".

فيما قالت المحامية فوزية جناحي: "لم أسمع بمشاكل تواجه البحرينيين المتزوجين من أجنبيات سوى الحضانة في حال الانفصال، إذ تكون الحضانة مع الأم، وغالباً ما يصر الطليق على أن تجلس الأم مع أبنائهم في البحرين، ولا يسمح لها بالسفر معهم لزيارة أهلها، فتضطر للسفر لوحدها، وبعضها تجلس لسنوات من دون رؤية أهلها".

وتابعت: "الأم تريد أن تزور أهلها برفقة أبنائها، وهذا أبسط حقوقها، وطليقها لا يلام إذا سلبها هذا الحق، فمن يضمن أن تعود بهم، كثيرة هي القصص التي نسمعها عن وجود أمهات هربن بأبنائهن، وبعضهن فعلن ذلك رغم حصولهن على الجنسية البحرينية".

تعذر البحرينية وارتفاع مهرها

وقالت عضو جمعية الاجتماعيين هدى المحمود: "أولاً يجب أن ندرك أن خيار الزواج شخصي بالدرجة الأولى، فالشخص هو من يختار ويعلم ما هي الظروف التي اختار فيها، وكثيرة هي الزيجات التي تكون نتيجة علاقة، كأن تكون الزوجة غير البحرينية زميلة دراسة أو عمل، أو يكون رأها وأعجب بها، وبالطبع فإن هذه الحالات ليست محل النقاش، فالقلب وما يهوى، وإنما الكلام في الشخص الذي يقرر الزواج من الخارج، من دون أن تكون بباله فتاة معينة، فيسافر لتلك الدولة للبحث عن الفتاة المناسبة له".

وتابعت: "باعتقادي يوجد 4 أسباب لهذا النوع من الزوج، الأول أن يعتقد الشاب أن مصاريف الزواج من الخارج أرخص من مصاريف الزواج من البحرين، أو أن يكون لدى الشاب مشاكل صحية أو نفسية أو اجتماعية، تجعل من فرصة حصوله على بحرينية أمر متعذر، أو يكون راتبه ضعيف ولا يوجد لديه شقة، ولا يستطيع الاستئجار، فلا يجد بحرينية تقبل بالسكن معه بغرفة بمنزل أهله، إضافة إلى من لا يوفق في الزواج من بحرينية، ويتعرض للرفض أكثر من مرة، فالزواج أولاً وأخيراً قسمة ونصيب".

وأضافت: "بشكل عام، لا أشجع الزواج من غير بحرينية، نظراً لاختلاف العادات والتقاليد وأحياناً اللغات والدين أيضاً، ولكنى لا نستطيع تخطئة كل من يتزوج من خارج البحرين، فلكل حالة ظروفها وحيثياتها التي تختلف عن الأخرى".