يجب ألا يغلق ملف العمالة السائبة «الفري فيزا» إلا بحلول جذرية وواضحة، وإيجاد تدابير حقيقية للوضع المتردي الذي نشهده من سنوات عديدة، فلا يعقل أن يبقى هذا الملف معلقاً إلى ما لا نهاية.

لو تم تصنيف الملفات الوطنية التي استغرق النقاش فيها من خلال الغرفة التشريعية أو الصحافة الوطنية، والمنتديات، والورش، وما ترتب على ذلك من تجاذبات انطبعت على نقاشات النواب من فصل تشريعي لآخر مع ممثلي الحكومة، لوجدنا أن ملف العمالة السائبة ضمن أعلى الملفات تداولاً، وكذلك ضمن أكثر الملفات التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وكأنك إذا أردت أن تمسك خيط المشكلة، فإنك تجتهد لتطاول خيطاً من سراب تبصره ولا تتمكن من إمساكه. ورغم المخاطر المتعددة التي تم الإسهاب في التحدث عنها جراء عدم وجود نسق نظامي واضح لهذه العمالة، وما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية واسعة على المجتمع، بل على العامل نفسه، إلا أن الحديث أشبه بالنفخ في بالونة مثقوبة، فالخطط التي تتحدث عنها هيئة تنظيم سوق العمل، لا تعدو كونها خطوة للأمام على الورق فقط، أما في الواقع فعدة خطوات للوراء.

وقد جاءت عاصفة كورونا (كوفيد 19) لتقتلع سقفاً أطبق وغطى على هذا الواقع لسنوات طويلة، لنصحو على مشكلة كنا نظنها كبيرة، فبدت أكبر مما نظن، حيث طلع علينا – بعد ركود طويل – وزير الأشغال والبلديات ليؤكد رصد 1604 سكن جماعي مخالف في المحافظات الأربع، ولا أدري أين كانت فرق العمل المعنية بحصر سكن العمال الجماعي للمخالفين منذ 2015 – حيث شكلت بناء على قرار وزاري آنذاك – إلى ما قبل جائحة كورونا (كوفيد 19)، إذ من المؤكد أن هذا العدد الهائل من المساكن لم يظهر فجأة من خلال عصا سحرية، بل له وجود ممتد لسنوات.

ومن الواضح أن المشكلة يتحمل مسؤوليتها أطراف عدة، وينبغي على الوزرات والهيئات المعنية أن تدرك بأن هذا الملف لا يقف عند الحاجة الملحة لوضعه على سكة التنظيم الذي يفرضه القانون وحسب، بل يتعدى ذلك نظراً لحساسية الملف من الناحية الإنسانية، فوجود العمالة السائبة من دون نسق قانوني منظم يؤدي إلى اختلال مجتمعي من جانب، ويضع العمالة نفسها في وضع معيشي لا يتناسب مع المعايير التي تتحدث عنها الأمم المتحدة، كمعايير السكن اللائق.

وربما للحديث تتمة!