هل العمر مجرد رقم كما يدعي البعض؟ كنت وما زلت أتساءل عن سر الشباب، وقدمت له طرحاً لأسبوعين فائتين، وهو ما يدعو للوقوف على نقيضه «الشيخوخة». نسعى لمواجهة علامات التقدم في العمر ظاهرياً وننسى أبعاداً ربما تبدو أعمق وأهم لتحقيق الهدف، ولعلنا نلاحظ أن حاملي لواء «العمر مجرد رقم» هم الأكثر شباباً في أغلب الأحيان، فما السر الكامن وراء ذلك يا ترى؟!!

في علم النفس المعرفي وعلوم الطاقة، تبدو الأمور أكثر وضوحاً من خلال جملة المعتقدات التي نحملها في أنفسنا، فمن يرى «شيب الشعر، تقوس الظهر، ضعف العظام، كثرة الأمراض.. إلخ»، من علامات الشيخوخة والمرتبطة برقم معين فعلى الأرجح سيصاب بتلك العلامات في العمر الذي يعتقده عمر الشيخوخة، ما يبرر ملاحظاتنا لشباب في الثلاثينات مثلاً يرون أنفسهم كباراً في العمر فيدخلون الشيخوخة الفعلية، يشيبون وتتهاوى قواهم، والعكس صحيح.. نرى البعض ممن ندعوهم اجتماعياً «متصابين»، هم الأكثر شباباً وحرية فكرية وأكثر اجتماعية وأكثر حركية دون تصنيفات عمرية لما يليق وما لا يليق وفي حياة كل منا شواهد لا محالة على تلك الفروق بين البشر وانعكاساتها المستقبلية عليهم.

الأمر الآخر يرتبط بمستوى التوتر الذي يعيشه المرء منا، ليس جراء حجم الظروف وقسوتها وحسب، وإنما وفق طريقة تعاطيه مع تلك الظروف وإلى أي مدى «يحرق دمه» تجاه الأمور في الحياة، فيما يتعامل آخرون في ظروف مماثلة بهدوء وروية ودم بارد، رغم أن هذا لا يعني عدم تأثر النوع الأخير بما يحيط به أو انفصاله عن الواقع وإنما بمستوى من ما يتمتع به من صبر وحكمة واتزان وبعد نظر وتسليم الأمر لله. ما يجعل نوعية التعاطي النفسي مع الأحداث بما في ذلك مسألة الاستعجال أو مسألة التروي والانتظار من أهم الأمور التي قد تساعد في الحفاظ على شباب الجسد أو تدهوره بسبب سوء الاستخدام أو التعامل معه.

* اختلاج النبض:

يصبح العمر مجرد رقم عندما نصون الجسد الذي وهبنا إياه الله، ونتعاطى مع الحياة من منظور أرواحنا لا أجسادنا، فأعمارها في الأصل ليس لها عمر. تلك هي الحقيقة.