هل اتخذنا خطوات الانفتاح قبل أن نضع الأسس الصحيحة له والتي تضمن لنا أن سياسة الانفتاح ستخدم الإنسان البحريني وستخدم اقتصاد الدولة؟.

نعم حققنا مراكز متقدمة في قوائم المؤسسات الدولية، وصعد ترتيبنا ونلنا الجوائز الدولية ولكن هل قيمنا ورصدنا أثر الانفتاح إن كان مستعجلاً في توقيته، أو كان دون ضمانات أو ترتيب البيت الداخلي وأثره على البحريني؟

بالنسبة لنا لا يعنينا كثيراً أن نكون ضمن القوائم الدولية المتقدمة بقدر ما يهمنا أن نعالج أسواقنا المحلية أولاً، ونرتب بيتنا الداخلي أولاً ونضمن الاستدامة في نمونا وتقدمنا الاقتصادي، ومن ثم نتجه لنعتني بموقعنا الدولي، خاصة وأن اقتصادنا قائم 80 إلى 90% منه على المشاريع المتوسطة والصغيرة البحرينية، تلك المشاريع التي تضررت كثيراً، رغم المبادرات العظيمة التي حاولت إنعاشها المرة تلو الأخرى كمبادرة صندوق العمل (تمكين) والمحافظ المتعددة له وكمبادرة الدعم أثناء جائحة فيروس كورونا فقد كانت بالفعل حقناً للإنعاش ونجحت في إبقاء العديد من تلك المشاريع على قيد الحياة.

تصحيح السوق يبدأ بجعله منتجاً يضيف لاقتصادنا ويزيد من دخل مواطنينا ويحقق لنا قدراً من الاكتفاء الذاتي ويقلل من نسبة بطالتنا وينمي دخلنا القومي ويحفظ قدر الإمكان عملتنا ويزيد من قدرتنا التصديرية ويقلل من استيرادنا والأهم الأهم أن يحفظ لنا هويتنا الوطنية، فذلك عنصر لطالما سقط من حساباتنا ونحن نندفع للعولمة والانفتاح والاقتصاد الحر.

كنا نظن أنه لا يستقيم الحفاظ على الهوية مع الاقتصاد الحر والانفتاح، وأن الهوية قد تكون عائقاً وقيداً فاتضح لنا أن التجارب الناجحة ارتكزت بالأساس على الاعتزاز والحرص والحفاظ على هويتها الوطنية دون أن تكون عائقاً لها، فتدخل السوق وأنت ترى ملامح تلك الهوية متصدرة في كل موقع بدءاً من إعلاناتها إلى موظفيها إلى مظهرهم وصولاً لمنتجهم المحلي في ورشهم ومصانعهم وفي عقارهم ووسائل خدماتهم ومطاعمهم وغيرها من الأنشطة التجارية والصناعية ذات الهوية الوطنية، وتجاوزت مرحلة عرض (الحرف اليدوية) بل أصبح المنتج الوطني قابلاً للمنافسة والتصدير بفضل تلك الرعاية والاهتمام والحماية أيضاً.

نريد اقتصاداً حقيقياً لا اقتصادَ الظل الذي يضع واجهة بحرينية تستفيد وخلفها تختبئ مافيات أجنبية تسيطر على النشاط الاقتصادي وتحول سنوياً خارج البلد 1300 مليون دينار سنوياً، ياجماعة التحويلات تفوق ميزانيتنا السنوية، ذلك يعني أن هناك خيراً في هذا البلد يغطينا ويفيض لو أحسنّا إدارته.

إن كان الأمر يتطلب قصر واحتكار بعض الأنشطة التجارية على البحرينيين بقرار فليكن حتى لو أدى ذلك إلى نزول ترتيبنا في أي قائمة دولية.

إن كان الأمر يتطلب ترحيل العمالة المخالفة ثم ترحيل العمالة الفائضة التي لا تضيف شيئاً لاقتصادنا وتنافس أبناء بلادنا فليكن حتى لو اعتبر ذلك مخالفة دولية.

المستفيد الآن من هذه التشوهات السوقية هم قلة من الأفراد أصابتهم التخمة من تجار الفيز وتجار استئجار السجلات وأصحاب الجوائز الدولية والخاسر هي البحرين والبحرينيون.