أكدت شركة الاستشارات العقارية الرائدة على مستوى العالم "سفلز"، إتاحة البحرين حرية التملك الكاملة للشركات العاملة في مجال التنقيب عن النفط والغاز، حيث تشير تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية إلى أن تدفقات رأس المال العالمية ستكون تحت ضغوطات شديدة خلال هذا العام، حيث من المتوقع لها تسجيل تراجع حاد عن القيمة التي سجلتها في عام 2019 والبالغة 1.5 تريليون دولار.

جاء ذلك خلال استضافتها، أولى ندواتها عبر الإنترنت بمناسبة إطلاقها تقرير التأثيرات العالمية في منطقة الشرق الأوسط. حيث شارك في الندوة المخصصة لموضوع المخاطر والحروب التجارية نخبة من الخبراء الإقليميين والعالميين في القطاعين العقاري والاقتصادي، بما فيهم مدير الأبحاث في شركة سَفِلز هونغ كونغ سايمون سميث؛ ورئيس مكتب شركة سَفِلز في دبي موراي سترانغ؛ وكبير الاقتصاديين في شركة بينينسولا العقارية د.كريستوفر باين. وأدار الندوة مدير سَفِلز في المملكة العربية السعودية ديفيد أوهارا، والذي ناقش مع المشاركين سبل تطوير الاستراتيجيات الاستثمارية في ظل الحظر التجاري وتنامي السلوكيات الحمائية.

وشهدت الاستثمارات العالمية تغيراً جذرياً نتيجة للتحولات المدفوعة بالعوامل التقنية والديموغرافية والجيوسياسية. وبين عامي 2014 و2017، في الشرق الأوسط على سبيل المثال، بلغ التمويل الإجمالي لمشروع الحزام والطريق في منطقة الشرق الأوسط 71.1 مليار دولار، وحلت مصر في المرتبة الأولى ضمن قائمة الدول المستفيدة. أما في سلطنة عمان، فتمثل الصين عاملاً محورياً في إطار الخطط الرامية إلى تطوير مناطقها الصناعية، وقد تعهدت باستثمار 10.7 مليار دولار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بحلول عام 2022.



وفي هذا الصدد، قال مدير سَفِلز في المملكة العربية السعودية ديفيد أوهارا: "لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط من الأسواق المصدّرة لرأس المال. وكانت صناديق الثروة السيادية والأسهم الخاصة من أكبر المستثمرين في الأسهم والأصول العقارية الكبرى خلال العقد الماضي. وعلى الرغم من ذلك، فقد دأبت حكومات المنطقة خلال الأعوام القليلة الماضية على تشجيع الاستثمارات الأجنبية الواردة لدعم نمو وتنوّع اقتصاداتها".

وشكلت دولة الإمارات في عام 2019 المتلقي الأكبر للاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة، حيث بلغت تدفقاتها نحو 14 مليار دولار، بزيادة مقدارها الثلث عن العام السابق. ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى الصفقات الاستثمارية الكبرى في قطاع النفط والغاز ولا سيما في أبوظبي. وخلال العام نفسه، عززت الدولة التزامها بالاستثمارات الأجنبية عبر إطلاق مبادرة واسعة النطاق لدعم بيئة العمل التجارية.

وشهدت تدفقات رأس المال الواردة إلى المملكة العربية السعودية زيادة ملحوظة للعام الثاني على التوالي بنسبة 7% لتبلغ 4.6 مليار دولار أمريكي. وتهدف سياسة الاستثمار الجديدة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الواسع ضمن رؤية السعودية 2030 إلى تحسين البيئة الاستثمارية وتعزيز التنويع الاقتصادي في المملكة. وتم تنفيذ عدد من الصفقات الاستثمارية الضخمة غير النفطية خلال عام 2019، مثل المشروع الكبير الذي نفذته بان إيجه بت ريزن، وهي شركة صينية متخصصة بتوريد القوارير البلاستيكية، والذي تم إطلاقه في مدينة جيزان بقيمة تبلغ حوالي مليار دولار.

وعززت الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها الحكومة في مصر استقرار الاقتصاد الكلي، وساهمت بزيادة ثقة المستثمرين بالدولة. وعلى الرغم من أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2019 جاءت مدفوعة بقطاع النفط والغاز، فقد شهدت الدولة أيضاً استثمارات في مجال الاقتصاد غير النفطي، ولا سيما في قطاعات الاتصالات والسلع الاستهلاكية والعقارات.

وأصدرت سلطنة عُمان مجموعة من القوانين الناظمة للشراكات بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب الخصخصة واستثمارات رأس المال الأجنبي بهدف إنشاء بيئة تنظيمية أكثر ملاءمة.

وستتلقى تدفقات رأس المال الواردة إلى الدول النامية على وجه الخصوص ضربة قوية، وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على الاقتصادات الناشئة في المنطقة، والتي تمضي قدماً باستراتيجيات التنوع الاقتصادي وتحرير الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات.

وسيكون التأثير الفوري على الاستثمارات الأجنبية المباشرة ناجماً عن انتشار جائحة كورونا (كوفيد19). وعلى المدى الطويل، فإن تعزيز مرونة سلاسل التوريد وتنامي تحول السياسات نحو القومية الاقتصادية وتحقيق المزيد من الاستقلالية في القدرات الإنتاجية يمكن أن تؤدي إلى عواقب طويلة الأمد.

وحول ذلك، قال د.كريستوفر باين: "ستؤدي السياسات الحمائية للعملاقين الاقتصاديين -الولايات المتحدة والصين- إلى تعطل سلاسل التوريد العالمية، وتخصيص أقل كفاءة للموارد العالمية. وسينجم عن ذلك على الأرجح تراجع النمو العالمي، ما سيؤثر بدوره على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنه في حال تم تطبيق كامل التعريفات الجمركية التي تم التهديد بها، فقد نشهد تراجعاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة نصف نقطة مئوية. وقد يؤثر ذلك سلباً على مستويات الطلب على النفط، إذ لطالما كان هنالك ارتباط تاريخي بين أسعار النفط والنمو الاقتصادي العالمي. وتتلقى الحكومات في منطقة الخليج العربي القسم الأكبر من عائداتها من قطاع النفط والغاز، ولذلك يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات الطلب على النفط إلى اتخاذ المزيد من إجراءات الضبط المالي واستمرار تراجع مستويات النمو الاقتصادي، وبالتالي استمرار حالة الضعف في الأسواق العقارية. لكن ثمة بوادر أمل تلوح في الأفق؛ إذ يمكن أن يؤدي انحسار العولمة إلى تجزئة سلاسل التوريد على نحو يزيد من معدلات نقل البضائع، ما قد يفضي إلى زيادة معدلات الطلب على النفط، والتعويض عن تأثيرات انخفاض النمو العالمي. كما يمكن للحروب التجارية أن تؤدي إلى تراجع قيمة الدولار الأمريكي، وهو الأمر الذي قد يحفّز الاستثمارات الأجنبية في قطاع العقارات لمنطقة الخليج العربي، ولا سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة".

بدوره، قال سترانغ: "يمكن للحروب التجارية أن تؤثر على آلية ومكان توظيف الاستثمارات. ويسلط تقرير سَفِلز الضوء على الدور المهم الذي تلعبه الصين حالياً في منطقتي الخليج العربي وشمال أفريقيا. وخلال الفترة بين عامي 2014 و2017، بلغ التمويل الإجمالي لمشروع الحزام والطريق في منطقة الشرق الأوسط 71.1 مليار دولار. ومن المتوقع أن يشهد التوجه الاستثماري من جانب الصين ودول شرق آسيا زيادة ملحوظة في المنطقة، حيث تدرك هذه الدول القيمة الكبيرة لهذه السوق ومقوماتها الأساسية. وعلى سبيل المثال، تبرهن الصفقات الضخمة التي تم إجراؤها مؤخراً في دولة الإمارات، مثل صفقتي أمازون/سوق وأوبر/كريم، على الفرص التي يمكن لهذه السوق أن توفرها".