وصل إلى صحيفة "الوطن" الرد التالي من النيابة العامة هذا نصه:

النيابة العامة تعقب على مقال الأستاذة سوسن الشاعر بشأن العقوبات البديلة:

تعقيباً على المقال المنشور بصحيفة الوطن في عددها الصادر بتاريخ 30 يونيو 2020 والمعنون "العقوبات البديلة وحق الضحايا"، صرح محمد المسلم رئيس نيابة التنفيذ بأن المقال قد احتوى على بعض النقاط التي تستلزم الإيضاح والتنويه، إذ ليس في قانون العقوبات والتدابير البديلة وتطبيقه ما ينال من العدالة ولا يمس بحقوق المضررين من الجريمة، فما اشتمل عليه من بدائل للعقوبة السالبة للحرية هي في الواقع جزاءات جنائية ملزمة، يراعى عند تطبيقها الظروف الشخصية للمتهم ومشروطة بانتفاء خطورته الإجرامية بعد خضوعه لتقييم دقيق في ذلك، فضلاً عن ثبوت التزامه بالمسلك القويم أثناء تنفيذه للعقوبة أو التماس ذلك فيه عند الحكم عليه، لهذا لا صحة لما أثير بالمقال من خشية على المجتمع من إعمال القانون، فالقضاء ممثلاً في المحاكم والنيابة العامة لا يفوته بحال وضع مصلحة المجتمع في الاعتبار عند التطبيق، إذ يحرص أشد الحرص على تحقق الضوابط والشروط القانونية التي نص عليها القانون فيمن يُرى استبدال عقوبته، ويتم اختيار العقوبة البديلة المناسبة للمحكوم عليه وبما لا يخل بمصلحة المجتمع التي هي موضوع الحماية القانونية وأولى الاعتبارات التي تراعيها السلطة القضائية في أحكامها وقراراتها.



ومن ناحية أخرى فقد كان حرياً بالكاتبة مطالعة القانون للتعرف على طبيعة ونوعيات العقوبات البديلة، فهي لا تقتصر على العمل في خدمة المجتمع أو ممارسة أنشطة الزراعة وصباغة الأرصفة والتشجير ونحوها كما ذكر في المقال، إنما من بينها أيضاً جبر وإصلاح الضرر الناشئ عن الجريمة وتعويض المضرورين، وفي هذا ما يدل على أن حقوق الضحايا مكفولة ومضمونة بالقانون الذي لا يخل بحال بمبدأ العدالة.

أما وصف الكاتبة اولئك الذين تستبدل عقوباتهم وفقاً للقانون بأنهم "المحظوظين"، ومع تحفظنا على هذا الوصف، فهؤلاء منهم المرضى بالسرطان والتهاب الكبد الوبائي والإيدز ونحوها من الأمراض المستعصية – شفانا الله وإياكم – ومنهم أيضاً كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم النساء ممن في رعايتهن أطفال وغيرهم ممن تتوافر فيهم الشروط المقررة بالقانون فضلاً عن تلك الظروف الصحية والشخصية.

ويجب الأخذ في الاعتبار أن القانون كمطلب اجتماعي يخضع دائماً للتغيير والتحديث بما يتفق وحاجة المجتمع والمستجدات التي تطرأ عليه، ولقد التمس المشرع البحريني المعبر عن إرادة المجتمع الحاجة إلى تطوير السياسة العقابيةعلى نحو يعدد فيه أنواع العقوبات كي يوجد أمام القاضي مساحة أكبر لإعمال تقديراته، ولاختيار بدائل للعقوبة السالبة للحرية إذا اقتضى الأمر ذلك ودعت الظروف الواقعية والشخصية بضوابط مبينة في القانون إلى هذا، وذلك دون مساس بالعدالة وهي الاعتبارات الاجتماعية والإنسانية التي لأجلها صدرت التوجيهات الملكية السامية بالتوسع في تطبيق هذا القانون.

أما ما نادى به المقال بضرورة توعية المجتمع وقبوله تطبيق العقوبات البديلة فإننا نشاطر الكاتبة هذا الرأي، فلطالما تناولت وطرحت وسائل الإعلام التعريف بالقانون وإحاطة المجتمع بأغراضه من خلال تصريحات الجهات المعنية والتحقيقات الصحفية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، بل وشاركت العديد من مؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في إبداء رؤيتها المتفقة مع حكمة القانون وساهمت تلك المنظمات في توفير الأعمال في خدمة المجتمع والبرامج التأهيلية.

وأخيراً، لم يأت ِالمشرع بقانون العقوبات البديلة على سبيل الترويج أو إرضاءً للغرب كما ورد بالمقال، إنما جاء إرضاءً للرب، حينما قصد صالح المجتمع البحريني لا غير مستهدياً بشريعته الغراء وملتزماً بقيمه وأعرافه.