حقق القطاع العقاري في مملكة البحرين تطوراً ملفتاً وملحوظاً أسوة بغيره من القطاعات الاقتصادية الحيوية التي شملها التوجه الذي تبنته المملكة في التحول الرقمي الذي أرى أنه من المرجح أن يحقق قفزة نوعية في مستوى الخدمات العامة التي تقدمها الأجهزة والهيئات والمبادرات الحكومية، وهو من شأنه أن يقلص بشكل ملحوظ من الوقت المطلوب لإتمام هذه الخدمات والمعاملات إلى جنب تحفيز وزيادة الحركة الاقتصادية والعقارية في البحرين وبالتالي تعزيز الثقة والتفاعل البناء بين المواطنين والمقيمين من جهة والحكومة والقطاع الخاص من جهة أخرى.

ومن خلال عملي وخبرتي في القطاع العقاري بمملكة البحرين فإنني أرى العديد من الشواهد والأمثلة التي تدلل على التحول الرقمي في القطاع العقاري بالبحرين وما أحدثه من تغيير إيجابي، فعلى سبيل المثال من المهم أن نشير إلى النظام الوطني لإصدار رخص البناء "بنايات" والذي يهدف إلى تطوير الإجراءات المتعلقة بإصدار تراخيص البناء من خلال أتمته وتسهيل الإجراءات وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص، كما يهدف إلى توفير دليل استرشادي موحد لاشتراطات البناء بالإضافة إلى وضع آلية فعالة لمتابعة وقياس الأداء.

ويقوم النظام بتوفير خارطة تفاعلية تسهل عملية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالاشتراطات التنظيمية للتعمير مثل التصانيف والاشتراطات الخاصة بالعقار والجهات التي يجب الحصول على موافقتها قبل التقديم على رخصة البناء.

كما قام النظام بمرحلته الثانية بأتمتة عمليات التفتيش وإصدار شهادة الانتهاء من البناء الكترونيا وذلك من خلال الموقع الإلكتروني والتطبيق الخاص بنظام "بنايات"، والذي أسهم بدوره في إتاحة المجال أمام مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة بالقيام بعمليات التفتيش بشكل متزامن والذي أسهم في تقليل الوقت المستغرق للحصول على شهادة الانتهاء من البناء.

ولا تقتصر الخدمات التي توفرها "بنايات" على ذلك وإنما تمتد لتشمل رقابة جودة البناء تعد أيضا من الأمور ذات الأولوية في البحرين، حيث أن بوليصات التأمين تتوفر في كافة الشركات في المملكة وغالباً ما يتم الحصول على هذه البوليصة من قبل الشركات والمكاتب الهندسية التي تقوم بتصميم المشاريع والإشراف عليها وذلك لتغطية كافة الأخطاء أو المشاكل المحتملة في التصاميم الهندسية للمشاريع وذلك أثناء التشييد أو عند إشغال المشاريع.

ولعله من المهم أن نشير إلى القانون المتقدم الذي تحظى به مملكة البحرين والذي يلعب دوراً رئيسياً في تحقيق أعلى معايير الجودة في رقابة البناء خلال وبعد إتمام أعمال البناء، إذ يشترط القانون في البحرين بأن يقوم كافة المهندسين بأعمال التصاميم والإشراف والفحص والتفتيش الفني والتحقق من أن الخرائط والرسومات والمخططات الهندسية مطابقة لأنظمة واشتراطات البناء في المملكة على أن يكون لديهم خبرة عملية لا تقل عن 4 سنوات بالإضافة إلى حصولهم على شهادة جامعية في الهندسة ذات العلاقة وأن يكونوا مسجلين في مجلس تنظيم مزاولة المهن الهندسية.

وجميع ما ذكرناه سيصب في النهاية بأن يكون القطاع العقاري في المملكة إحدى قصص النجاح على مستوى المنطقة في تحقيق تجربة التحول الرقمي وهو ما سينعكس إيجاباً على الحركة العمرانية والاقتصادية في المملكة.

*المهندس محمد مازن عريقات – المدير العام لشركة المعماريون العرب