رسم ميثاق العمل الوطني منذ العام 2001م معالم الدولة العصرية التي جسدها المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين أيده الله، الذي تعمل الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر على تحقيقه في كل خطواتها التي يتابعها بكل حرص صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الاعلى النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ومنذ إطلاق ميثاق العمل الوطني وضمن منظومة الحكومة الرشيدة سعت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إلى تفعيل مبادئ المشروع الاصلاحي من خلال استراتيجية واضحة المعالم في عدة مجالات .
وقال الدكتور فريد بن يعقوب المفتاح وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية في تصريح أن مملكة البحرين حققت إنجازات لافتة في مجال خدمة القرآن الكريم وتعليمه ونشر علومه، حيث دشنت برامج ومشاريع نوعية تحظى بالاهتمام والتقدير، ويتجلى ذلك في وجود أكثر من 225 مركزاً وحلقة قرآنية تابعة لإدارة شؤون القرآن الكريم بالوزارة ومنتشرة في مختلف محافظات مملكة البحرين، حيث تستقبل هذه المراكز والحلقات عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات من الجنسين من مختلف الأعمار وتتولى تعليمهم التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم، ورفع حصيلتهم في حفظ سوره وآياته، إضافةً إلى تدريس علوم القرآن الكريم وقراءاته، على يد معلمين مؤهلين يزيد عددهم عن 2000 معلم ومعلمة، وفق مناهج ومقررات دراسية معتمدة، ومن ثمرات العمل الدؤوب في هذه المراكز والحلقات مئات الحفاظ وآلاف الخريجين في تلاوة القرآن الكريم وتجويده وقراءاته، حيث بلغت نسبة الإناث 2961 خريجة، فيما بلغت نسبة الذكور 2027 خريج .
وقال وكيل الشؤون الإسلامية وحرصاً من الوزارة على اكتشاف المواهب في حفظ القرآن الكريم وتلاوته، وتنميتها في سنوات مبكرة، فقد أطلقت الوزارة مشروع الغرس الحسن في نسخته الثانية، والذي يهدف إلى تخريج حافظات للقرآن الكريم في ثلاث سنوات حيث يُعد هذا المشروع من المشاريع الرائدة التي تبنتها الوزارة وكان لها صدىً واسعاً في مملكة البحرين.
ويرتكز منهج الدراسة فيه على تدريب الطلبة على مهارة القراءة، ثم البدء بحفظ سور القرآن الكريم من الجزء الثلاثين والتدرج في ذلك حسب الخطة الموضوعة، مع التركيز على أداء الأحكام التجويدية وإتقانها، إضافةً إلى جملة من المعارف والآداب التي تحتاج إليها الطالبات في المشروع، وقد تم خلال شهر ديسمبر 2014م، تخريج 22 طالبة أتممن حفظ القرآن الكريم كاملاً في 3 سنوات .
واستطرد المفتاح قائلاً: تسعى الوزارة إلى توظيف التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة في تعليم القرآن الكريم، وتجاوز حدود المكان، وخدمةً لفئات من الناس لا تستطيع الانتظام في المراكز والحلقات - رغم انتشارها -، وأعداد المصنفين ضمن الفئات تتزايد يوماً بعد يوم مع تزايد ضغوطات الحياة ومتطلباتها، فقد دشنت إدارة شؤون القرآن الكريم أول مركز متكامل للإقراء الإلكتروني في مملكة البحرين، حيث ينتظم للتدريس فيه عدد من المعلمين والمعلمات من أصحاب الخبرة والكفاءة في تعليم تلاوة القرآن الكريم وحفظه، غير أن المركز لا يستقبل الطلاب بالطريقة التقليدية، ولا تتوفر فيه فصول دراسية ويمكن للطالب الراغب في تعلم القرآن الكريم الاتصال بالمركز من هاتفه أو عبر أي برنامج من برامج المحادثة الإلكترونية Online Chat، لتخصص له دقائق معدودة (10 دقائق مثلاً) ليأخذ فيها درساً خصوصياً مع المعلم. وفي نهاية الحصة يقوم المعلم بتسجيل البيانات المتعلقة بتحصيل الطالب وتحديثها في سجله الدراسي .
ويتشابه النظام الدراسي في مركز الإقراء الإلكتروني إلى حدٍ كبير مع ما هو معمول به في المراكز والحلقات القرآنية، ويمنح الدارس الذي يجتاز المتطلبات والاختبارات بنجاح نفس الشهادة التي تمنح لطلبة المراكز والحلقات القرآنية، ولهذا الغرض تم التعاقد بين الوزارة والشركة المزودة لخدمات مركز الاتصال الوطني، والتي ترتبط بشراكة استراتيجية مع هيئة الحكومة الإلكترونية، وتم الانتهاء من تنفيذ المشروع، ويجري حالياً تشغيله بصورة تجريبية قبل إطلاقه رسمياً .
وحول المسابقات القرآنية التي تنظمها أو تشارك فيها الوزارة، قال وكيل الشؤون الإسلامية "تقام في المملكة العديد من مسابقات القرآن الكريم المحلية، وتأتي في مقدمتها مسابقة البحرين الكبرى لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره والتي تقام برعاية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين أيده الله وقد أكملت هذه المسابقة القرآنية المباركة عامها العشرين، بعد تأسيسها في عام 1996م برعاية سامية من المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، وقد بلغ عدد المشاركين في هذه المسابقة في العام الماضي 1564 متسابق ومتسابقة غالبيتهم من البحرينيين من مختلف مناطق مملكة البحرين .
وأضاف: إن الهدف الأسمى لهذه المسابقة خدمة كتاب الله عزّ وجل والعناية به حفظاً وتلاوة وعلماً وعملاً، وحث الناشئة على حفظ كتاب الله عز وجلَّ ومدارسه والعناية به، وتربية النشء على حقائق الكتاب العزيز والسنة المطهَّرة، وعلى مبادئ الإسلام وشرائعه السمحة، إلى جانب تبني نوعيَّة متميِّزة من حفظة كتاب الله وإعدادهم ليكونوا دعاة خيرٍ وعامل إصلاح في مجتمعهم وأمتهم، إضافةً إلى تعزيز حضور البحرين في المسابقات الإقليمية والعالمية، والسعي لتحقيق مراكز متقدمة إن شاء الله تعالى .
وقال المفتاح إن المملكة حققت خلال السنوات العشر الماضية 2004 – 2014 عشرات المراكز المتقدمة في أكثر من 14 مسابقة دولية معظمها في حفظ القرآن الكريم، ولا أدل على ذلك من النتائج المشرفة لمتسابقي ومتسابقات مملكة البحرين في مسابقات القرآن الكريم الدولية، حيث حقق متسابقو مملكة البحرين في العام الماضي ثمانية مراكز متقدمة، أبرزها حصول المتسابقة إسراء حسام أبو العينين على المركز الأول في المسابقة الهاشمية الدولية للإناث في دورتها التاسعة لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره بالمملكة الأردنية الهاشمية في فرع حفظ 20 جزء من القرآن الكريم، فيما حاز المتسابق مصعب البوعركي على المركز الثالث في مسابقة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وقراءته وتجويد تلاوته في دورتها الخامسة في فرع حفظ القرآن الكريم كاملاً بالقراءات العشر الصغرى المتواترة .
وقد تُوِّجت إسهامات الشؤون الإسلامية وجهودها المتميزة في هذا المجال بإطلاق مسابقة البحرين العالمية لتلاوة القرآن الكريم عبر الإنترنت (القارئ العالمي)، وهي مسابقة عالميّة في تلاوة القرآن الكريم، يشارك فيها الراغبون من أي مكان في العالم تتوفر فيه خدمة الإنترنت، حيث يدخل المتسابق على موقع المسابقة quran.bh ويسجِّل مقاطع فيديو لتلاوته، ثم تقوم لجنة تحكيم بتقييم تلاوات المتسابقين عن بعد، وفرز تلاواتهم عبر خمس مراحل .
وقال الدكتور المفتاح: إن خدمة القرآن الكريم وإظهار العناية الفائقة به، وتشجيع الناشئة والشباب على الإقبال على تلاوة القرآن الكريم وترتيله تأتي في مقدمة أهداف هذه المسابقة القرآنية العالمية الفريدة. وهي في الوقت ذاته تهدف لإبراز جهود مملكة البحرين في العناية بالقرآن الكريم على المستوى العالمي، وتعزيز جهود المملكة ومبادراتها المميَّزة في مجال الحكومة الإلكترونية، وقد أُسِّست هذه المسابقة على قاعدة من الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص.
ومع أنَّ وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف هي صاحبة فكرة المسابقة والجهة المنظمة لها والمسؤول الأول عنها، إلا أنَّه لولا الرعاية الرسمية الكريمة من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والشراكة التقنية من هيئة الحكومة الإلكترونية، والشراكة الإعلامية من هيئة شؤون الإعلام، لم تكن هذه المسابقة لتتحقق على أرض الواقع فضلاً عن انتشارها ونجاحها كما أسهمت عدد من مؤسسات القطاع الخاص في رعاية هذه المسابقة ودعمها مادياً، ما أسهم في أن يصل عدد المشاركين في المسابقة إلى 5000 آلاف متسابق من 65 دولة، وفي ديسمبر الماضي أقيمت التصفيات النهائية والحفل الختامي للمسابقة برعاية كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، وشهدت حضوراً كبيراً، ونالت استحسان الجميع، وبادرت لتغطيتها إعلامياً عدد من القنوات الفضائية من خارج مملكة البحرين. إن مسابقة القارئ العالمي بجانب كونها عملاً قرآنياً رائعاً، ومنتجاً إلكترونياً متميزاً، إلا أنَّها فوق ذلك كله تبرز الوجه الحضاري لمملكة البحرين، وتجسد تطلعاتها وطموحاتها في خدمة الإسلام والمسلمين .
وأوضح الدكتور المفتاح أن إدارة شؤون القرآن الكريم تعكف حالياً على إعداد خطة شاملة للنسخة الثانية من مسابقة القارئ العالمي والتي سيتم تدشينها بداية أبريل المقبل، حيث تبحث الإدارة مع هيئة الحكومة الإلكترونية إمكانية استخدام تطبيق ذكي للهواتف وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية بحيث يمكن من خلاله إرسال مساهمات المتسابقين مباشرة، لتكون إضافة جديدة ضمن خيارات رفع التلاوات على موقع المسابقة الإلكتروني بما يوفر على المتسابق والمحكم الوقت والجهد، إذ من شأن هذا التنوع في الوسائل أن يضاعف عدد المشاركات في الدورة الثانية للمسابقة، علاوةً على إدخال لغات جديدة لمخاطبة مختلف الدول والجهات والأفراد، منها: الروسية والفرنسية، والصينية والأوردو، بجانب العربية والإنجليزية .
وضمن التعاون الوثيق بين وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فقد تم إصدار مصحف البحرين بتوجيه كريم من لدن حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، وتابعت إدارة شؤون القرآن الكريم مراحل إصدار المصحف ابتداءً من الاختيار ثم المراجعة والتصحيح، ومروراً بالتصميم والإخراج الفني، انتهاءً بالطباعة والتجليد ولم تقف مبادرات الشؤون الإسلامية عند ذلك، فباشرت في طباعة وتوزيع مئات الآلاف من المصاحف في أفريقيا ضمن مشروع (مليون مصحف لأفريقيا) الذي تبنته هيئة شئون الإعلام، ولازال العمل جارياً لاستكمال طباعة بقية الكمية .
كما تحرص الشؤون الإسلامية على إقامة المؤتمرات والندوات والفعاليات القرآنية، ويأتي في مقدمتها المؤتمر العالمي الثاني لتعليم القرآن الكريم الذي أقيم برعاية كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى تحت شعار "المنهج النبوي في تعليم القرآن الكريم"، وتم تنظيمه بالتعاون بين وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي .
إلى جانب مؤتمر حوار الحضارات والثقافات والذي أُقيم أيضاً برعاية ملكية سامية من لدن عاهل البلاد المفدى، وبمشاركة أكثر من 500 شخصية من مفكرين وباحثين ورجال دين وعلماء، من داخل وخارج البحرين، تحت عنوان: الحضارات في خدمة الإنسانية .
وفيما يتعلق ببناء وتشييد المساجد، فقد أنفقت الوزارة خلال العام 2014م، أكثر من 3 ملايين دينار لإعمار وتشييد دور العبادة، هذا بالإضافة إلى ترميم وصيانة عدد من المساجد والجوامع والمآتم وصالات المناسبات، جدير بالذكر أن الوزارة وفي غضون 10 سنوات أنفقت ما يقارب 30 مليون دينار على بناء دور العبادة مناصفةً وبالتساوي بين المشاريع التابعة لإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية .
وتعزيزاً لمبدأ الشراكة المجتمعية والتكامل بين المؤسسات في قطاعيها العام والخاص، فقد أحدث التعاون المستمر بين قسم شؤون الحج والعمرة بالوزارة وهيئة الحكومة الإلكترونية نقلة نوعية في خدمات شؤون الحج والعمرة منذ 4 سنوات بهدف تسهيل العلاقة بين البعثة وبين جميع الأطراف سواء الحملات أو الأطراف الأخرى المعنية بتخليص إجراءات الحج والعمرة، مثل: وزارة الصحة والإدارة العامة للمنافذ بوزارة الداخلية، وساهم هذا النظام بتخفيض حجم الحاجة إلى المراجعة الميدانية لمتابعة أمور موسم الحج بنسبة 80% .
وأوضح المفتاح أن الوزارة تقيم العديد من البرامج والأنشطة التربوية والثقافية لطلبة وطالبات المراكز والحلقات القرآنية على مدار العام، ولاسيما في إجازة الصيف والربيع، وذلك بهدف شغل أوقات الطلبة والطالبات بما يعود عليهم بالخير والفائدة، ويصقل شخصيتهم وينمي الاتجاهات الإيجابية لديهم، علاوةً على مشاركة عشارات القراء من خارج مملكة البحرين خلال شهر رمضان المبارك، هذا ومن المقرر أن يتم إنشاء معهد للقراءات، والذي يُعتبر نقلة نوعية في مسيرة عمل مراكز التحفيظ والتي تزيد عن 35 عاماً .
وأضاف وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية أن إدارة الشؤون الدينية ومن خلال الوعظ الإرشاد وبهدف نشر الثقافة الإسلامية تنظم العديد من الفعاليات الإرشادية وفق شراكات تكاملية مع كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة الداخلية ووزارة التنمية والهيئة العامة للشباب والرياضة ووزارة الصحة، حيث تنظم الإدارة عدداً من البرامج والمسابقات الإرشادية لطلبة وطالبات مدارس وزارة التربية والتعليم من خلال ما يزيد على 20 واعظ وواعظة، يغطي البرامج أكثر من 72 مدرسة من مختلف المراحل الدراسية للجنسين بواقع 4 محاضرات يومياً أي ما مجموعه 144 محاضرة في كل فصل دراسي .
كما تنظم الوزارة برنامجاً إرشادياً لنزلاء مؤسسة الإصلاح والتأهيل ونزلاء دور الأحداث، وتعد الوزارة برامج إرشادية خاصة لدور رعاية الوالدين وغيرها من المؤسسات التابعة لوزارة التنمية، وقال الدكتور فريد المفتاح ولضبط مسار العمل الدعوي وتطوير الخطاب وفق نهج الوسطية والاعتدال تشرف الوزارة بالتعاون مع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية على خمسة معاهد لتعليم العلوم الشرعية موزعة على محافظات المملكة، وأضاف بأن رعاية الناشئة والشباب من أهم أولويات الوزارة وذلك من خلال مراكز رعاية الأجيال التابعة لإدارة الشؤون الدينية، حيث تشرف الإدارة على خمسة عشر مركزاً لرعاية الأجيال .
كما أكد وكيل الشؤون الإسلامية على ضبط مسار الخطاب ليكون خطاباً وسطياً معتدلاً بعيداً عن الغلو والتطرف، خطاباً يرتقي ويسمو بنا وبأعمالنا ويحقق وحدتنا ويعزز أواصر أخوتنا في مجتمعنا وأمتنا .