- أنسنة التواصل الاجتماعي عنصر جاذب لكن بحدود

- خلق المحتوى الجيد تحدي وإحداث الأثر صنعة



- الجرائم الإلكترونية موجودة والتنمر مصدر خطر

سماح علام

حذرت المدربة المعتمدة في الظهور الاحترافي والتسويق الشخصي فاطمة عيسى من الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي التي قد تؤدي إلى التورط في الجرائم الإلكترونية أو الوقوع في مصيدة التنمر.

وبينت أن التسويق الذاتي يقوم على أسس علمية تدرس وله مؤشرات تقيس الأثر، منوهة إلى أهمية التربية الإعلامية عند الجيل الجديد وتوضيح حدود التعامل مع الغرباء في ظل عالم السوشل ميديا الافتراضي المفتوح.

وتحدثت فاطمة عيسى التربوية والخبيرة في مجال التسويق الشخصي عن أهمية صناعة المحتوى الجيد ووجود المبادرين وحقهم كأولوية في الظهور، إلى جانب كيفية الاستفادة من السوشل ميديا للتسويق الذاتي والابتعاد عن الزيف خلال اللقاء الأسبوعي مع قراء الوطن على (قروب الأسرة) وفيما يلي نص الحوار:

- السوشل ميديا .. خلق جدلية الحقيقة والزيف.. فكيف ترين ذلك؟

طريقة الاستخدام هي التي تحدد الهدف، فمتى ما كان الهدف منها إيصال صورة حقيقية فسوف يتم ذلك، ومتى ما أردنا أن نوصل صورة غير حقيقية أيضاً نستطيع ذلك، والرهان على عقلية المتلقي وقدرته على التمييز والانتقاء... وكما نعلم أن جميع فئات المجتمع تتعامل مع السوشل اليوم، وأصبحت البديل للأصدقاء بل وأيضاً للتواصل على جميع الأصعدة الفردية والأسرية والمؤسساتية، ونستطيع القول إن السوشل ميديا أصبحت أشبه بالبيت الزجاجي، ودرجة الشفافية فيها تعتمد على الأشخاص أنفسهم، فكم تريد أن تعرض من حياتك فيها هو أمر يعتمد عليك أنت، والقرار بيدك.

الخصوصية خطر أحمر

-مع الرغبة في تسويق الذات.. هل هناك حد للانفتاح وعرض الحياة الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي؟

مواقع التواصل لا يوجد فيها حدود ولا فروض، الحد فيها أو المعيار الذي يضعه الشخص لنفسه، والذي يتمثل بالرقابة الذاتية ورغبة الشخص في التعامل مع المواقع ونشر ما يريد، الكثير يريدون أن يضيفوا جانب (الأنسنة) على السوشل، ويتم ذلك من خلال عرض أمور شخصية قد تبين جوانب معينة، ولكن أحياناً هناك مبالغة في نشر هذه الأمور وتخطي الحدود للحياة الشخصية، وأنصح دائماً بالحفاظ على مسافة آمنة بين الحياة والظهور على السوشل وبين الحياة الشخصية وتفاصيلها.

أذكر في شهر رمضان الماضي كنت في أحد اللقاءات مع الكوتش خولة فسألتني إحدى المشاركات عن سبب عدم نشري لصور عائلتي أو أبنائي، وكان ردي أن حياتي الأسرية هي لي وأفضل الاحتفاظ بها لنفسي، وأن ما أريد الظهور به هو علمي ومعرفتي التي أحب أن أتبادلها مع الجماهير.. اليوم أصبحنا نرى العالم من خلال السوشل، وأصبح العالم كله في يدنا نستطيع الوصول لأي شيء بضغطة زر، وعليه لم يعد هناك قيود كما لم يعد هناك حواجز.

خطر الترويج الاستهلاكي

- كيف تقيمين وضع السوشل اليوم في ظل وجود تناقضات بين أخبار مغلوطة وترويج استهلاكي ؟

أصبحنا متلقين لكل شيء، لم نعد نبحث عن المصدر الصحيح، وأصبح معيار المصداقية هو وجود الخبر على أكثر من منصة، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا الأمر صحيحاً، هنا نقول أنه يتوجب علينا جميعاً الاهتمام بنوع المادة المقدمة، وكيف نرتقي بالمحتوى، وعلينا البحث عن التفرد ومتابعة من يستحق المتابعة.

- ما هي النصائح التي يمكن تقديمها لأبنائنا عند التعامل مع السوشل ؟ وكيف نحفظ الأبناء من الآثار السلبية ؟

علينا تعزيز الرقابة الذاتية وتنميتها عند الأبناء، إذ يجب التعامل مع السوشل ميديا بوعي كبير وإدراك أن كل المحيطين هم من الغرباء، لذا لا يتوجب كشف ما لا يجب الكشف عنه أمامهم، كما يجب الالتزام بحدود التعامل والحوار، فالثقة في الأبناء مطلوبة، ولكن أيضاً علينا الرقابة وتمييز المسموح من غير المسموح، فمسألة الكشف عن معلومات خاصة أو الحوار المفتوح بدون حدود أو تبادل الصور الشخصية كلها أمور يجب أن يعيها الأبناء ليدركوا مدى خطورتها.

انتعاش العالم الافتراضي

- هناك مؤشرات عالمية تدل على تنامي الإقبال على وسائل التواصل الاجتماعي من الشرائح العمرية المختلفة، فهل أصبح العالم الافتراضي بديلاً لعالمنا الحقيقي؟

الأرقام صحيحة.. وقد تتصاعد أكثر.. فالسوشل هو المكان الوحيد الذي لم يتضرر بكورونا بل انتعش، وأصبح يشكل عالماً مستقلاً يمثل الوجه الآخر لحياتنا ويعكس صورة الكثير بل ويكشف المؤشرات والاهتمامات والميول، ولكن علينا معرفة نقاط الضعف أيضاً مثلما نهتم بنقاط القوة، وأن يتم توظيف السوشل من أجل هدف إيجابي محدد، لا من أجل التسلية والتعارف وقضاء الوقت.

قروب الأسرة: هل يعكس السوشل نماذج قيادية حقيقية أم أصبح يتسم بعالم البلوقرز وفاشنستات؟

فاطمة عيسى: لابد من تحليل معنى القدوة، وشرحها للأبناء، وللأسف لدينا أشخاص من النماذج المشرفة للقدوات لم تكن موجودة على الساحة، وعالم السوشل كان يزخر بنماذج تعبر عن الترف أو الاستهلاك أو الترفيه ولكن في الحقيقة هناك علوم ومعلومات وأشخاص يعتبرون كنوزاً معرفية هم أحق بالمتابعة من غيرهم.

- هل أنت متابعة لبرامج اللايف في الحسابات ؟ وما أبرز الممارسات الجيدة المفيدة للتسويق الشخصي؟

يمكن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التسويق الذاتي، لتحقيق الكثير من الأهداف، ولكن قد تكون هناك أخطاء بسيطة أو هفوات تؤدي إلى الإضرار، باختصار علينا استثمار السوشل من أجل تحقيق أهداف مدروسة وعلينا التعامل مع إيجابيات السوشل والتعامل الصحيح معها، من هنا نتحدث عن متابعة مدروسة، وعمل خطة لتسويق ذاتي بشكل مميز.

سلاح ذو حدين

- ما هي مقترحاتك لضمان ممارسات إيجابية مع السوشل ؟ وأي ممارسات ترفضينها؟

التطوير واكتساب المهارة أمر مطلوب بشرط أن يكون على أيدي مختصين، ويجب تقديم المحتوى بشكل جيد ومدروس، وما أرفضه هو التصنع أو ترويج الأكاذيب، من هنا أقول أن السوشل سلاح ذو حدين، والوعي والفطنة أساس التعامل بل هو طوق نجاة حقيقي، وعلينا إدراك تأثير لغة الجسد على كل شيء.

-كيف نقيس كمتابعين علامات التسويق الجيد في حسابات الآخرين ؟

* فاطمة عيسى: هناك تجارب ناجحة يجب أن تدرس، ومعرفة مميزاتها ونتعلم منها، ونتابع الناس المؤثرين والذي يتعاملون مع السوشل بطريقة صحيحة، من هنا يبدأ التسويق الصحيح، إذا مفاتيح النجاح في السوشل ميديا هو تقديم محتوى صحيح ومدروس، واختيار الوسيلة، ومراعاة الأمور الفنية من لقطة ثابتة وصوت واضح، مع التركيز على تعزيز المهارات الشخصية والثقة بالنفس، ولابد من الإشارة إلى أن التفاعل مع الحساب هو الذي يدلل على قوة الحساب، من هنا يمكن قياس الأثر، كما إن مواقع التواصل توفر أدوات تقيس التفاعلية وترصده.

الأخطار والجرائم

- هناك هامش خطر يتعلق بالجرائم الإلكترونية.. فكيف نقوي حائط الصد لدينا؟

كانت مواقع التواصل مسرحاً للكثير من الجرائم، وهناك عمليات نصب واحتيال وابتزاز كثيرة، ولكن في البحرين لدينا جهاز متطور للتعامل مع الجرائم الإلكترونية، كما إن لدينا لائحة أخلاقية للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي صادرة من وزارة الإعلام، وهناك أطر قانونية واضحة للتعامل مع هذا الفضاء المفتوح بشكل يضمن الحماية الكاملة للمستخدم.

نحتاج كثيراً إلى تعزيز التربية الإعلامية عند الجيل الجديد، وإيجاد القدوة الجذابة، وتطوير مناهج تدريس في فنون التواصل والإعلام، كما نحتاج إلى رصد المؤشرات دائما، فخوارزميات السوشل متغيرة، وإيصال أساليب التعامل صحيحة ضرورة وخصوصاً للجيل الجديد، ولكن كل ذلك بعيداً عن كتاب أو منهج فهي مهارات حياتية متغيرة بشكل متسارع جداً.

أطرح هنا سؤالاً مهماً: إلى أي مدى هناك إمكانية أمام التربويين والمعلمين للقيام بدور ريادي في هذا المجال وإظهار ما لديهم من قدرات، وهل هناك وقت متاح يستطيع التربوي التحضير لما يريد تقديمه وسط الضغط والمسؤوليات الملقاة على عاتقه، كلها أمور يجب الالتفات إليها، فهم الأجدر بتقديم محتوى لائق يضمن الإيجابية والفائدة، كما كان الكثير منهم مشكورين قد قاموا بمبادرات نوعية من أجل تقديم محتوى دراسي عبر السوشل للتسهيل على الطلاب... لدينا تجارب مضيئة في الجامعات التي لها دور كبير في متابعة التخصصات الجديدة، ولمست ذلك في جامعة البوليتيكنك على سبيل المثال، وأيضاً علينا الاهتمام بالمهارات الاحترافية التي تؤمنها الدورات المتخصصة.

- كيف ترين مشكلة التنمر الإلكتروني؟

التنمر الإلكتروني موجود، وهناك قدرة على إخفاء الشخصية من خلال السوشل، وهناك الكثير ممن يهاجم لأن هذه المواقع خالية من القيود، وهناك من وضع ضحية لممارسات هجومية، من هنا يجب زيادة ثقافة احترام الآخر، واللجوء دائماً لجهات تردع المتنمرين ومطاردتهم من أجل ردعهم وتقليص وجودهم بيننا.

- في ظل كورونا ظهر كثيرون على قنوات التواصل.. كأن كتعويض عن افتقاد برامج غير متوفرة في القنوات أو لافتقاد الطرح المتوافق مع أفكارها ...ألا ترين خطورة هذا الطرح واستسهال البث والإعلام ؟

المعلومات الصحيحة موجودة عند الكثيرين، ولكن السؤال من يبادر بالظهور، ومن لديه القدرة على التعامل مع الناس، أعتقد أن الكثيرين اليوم يدركون تأثير السوشل وإمكانية التفاعل مع الجمهور، وخلق محتوى جيد ومهم، فلم يعد الظهور للناس مرتبط بوسيلة إعلام وتصاريح رسمية واستوديوهات بل أصبح موضوع البث سهلاً وسلساً للغاية بضغطة زر.

- ما الذي يمكن تقديمه كمختصة لمن يرغب في تقوية وجوده في السوشل؟

أقدم استشارات في التسويق الذاتي على التواصل، وأحلل الحسابات وأضع خطة تطويرية وأتابعها معه، كما أقدم دورات وورش عمل في مجال التسويق الشخصي باستخدام أدوات التواصل الاجتماعي المختلفة.. وفي ظل كورونا أصبحنا أكثر قرباً من السوشل، وأكثر تفاعلاً معه، ولكن من المهم تنظيم الوقت، ومحاولة الاتزان بين جوانب الحياة المختلفة، إذاً نحن نتحدث عن كيفية تعامل مع السوشل وليس كم الوقت المقضي في التعامل معه.