سماهر سيف اليزل

"تصوير: سهيل الوزير"

اتفق منتدون، على أن تقنين المصاريف وتنويع الموارد مطلب حتمي في ظل أزمة فيروس "كورونا"، داعين أصحاب العمل والمواطنين إلى دعم الدولة والابتعاد عن الاتكالية على حزم الدعم المالي التي يتم ضخها حتى يستطيع رب العمل الإيفاء بالتزاماته تجاه موظفيه وبالتالي دوران العجلة الاقتصادية.



وشددوا في ندوة نظمتها "الوطن"، بعنوان: "تأطير السلوكيات المختلفة والمستجدات المستحدثة لمرحلة ما بعد أزمة كورونا"، على أن المرحلة المقبلة وهي مرحلة ما بعد فيروس "كورونا"، تعتمد على وعي الفرد والمواطن، وقدرتهم على التكيف بكل المستجدات التي طرأت على مختلف الساحات، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى التشريعية، مبينين أن البحرين تسير بخطى واثقة نحو هذه المرحلة وعلى أتم الاستعداد لها.

وأشاروا إلى أن المواطن البحريني مرن وسريع التكيف، وأن الأزمات مفيدة وتصنع التغير، وأن الأزمة أظهرت الكثير على الرغم من التحديات، حيث أثبتت قدرة البحرين على المواجهة والتصدي واستباق الأمور، كما أنها قننت الأولويات وكشفت العديد من المفاهيم الخاطئة وصححتها.

وقال المجتمعون في الندوة التي شارك فيها كل من، النائب أحمد العامر، والاقتصادي د.أكبر جعفري، ورئيسة جميعة اقتصاد الإلهام د. دنيا أحمد، إن أولويات المرحلة المقبلة تتمثل في الاستفادة من تعددية المهارات والتقنيات، والتوجه الرقمي في كل المجالات، وتغيير السلوكيات الاستهلاكية للفرد وللمجتمع والاستثمار في المنتج الحقيقي.

وأكدوا وجود ضعف في وعوي المواطن للوضع الاقتصادي للمرحلة المقبلة التي تتطلب تقليل الاستهلاك، والخروج بأقل الأضرار الممكنة.

- دور النواب في سن قوانين تحمي الفرد من تأثيرات "كورونا"

العامر: منذ ظهور أول حالة، جاء حديث صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء مطمئناً، حيث أكد سموه على أن سلامة المواطن هي رقم واحد، وكانت هذه أول رسالة تفاؤل لنا كمجلس تشريعي، وكان مؤشراً لسلامة التعاطي مع هذه الأزمة.

أما فيما يتعلق بدور الجهاز التشريعي وكيف تناولنا هذا الموضوع فقد مارسنا كنواب جميع أدواتنا التشريعية والرقابية بمهنية عالية جداً، وتقدمنا بعدد كبير من المقترحات برغبة بصفة مستعجلة أغلبها كانت تصب في صالح المواطن لمواجهة هذه الأزمة، وتم تمرير مشروعات الحكومة بصفة الاستعجال ومن أهمها سد الثغرات القانونية من ناحية مراحل القضاء، وفتح المجال للعمل الإلكتروني، بالإضافة إلى تمرير قانون لمشروع "مبادرة" حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، المتمثلة في الحزمة المالية والاقتصادية لسحب مبلغ 215 مليون دينار من صندوق التعطل لدفع رواتب القطاع الخاص لمدة 3 أشهر، والتي استفاد منها 90 ألف شخص، وكانت هذه خطوة استباقية، بالإضافة لتقديم مقترح لضم بعض الفئات غير المسجلة في التأمينات الاجتماعية ومنهم سائقو التاكسي ومدربو السياقة وأصحاب الباصات المدرسية.

كما تقدمنا مؤخراً بتقديم مقترح آخر، وهو أن تكون هناك حزمة ذكية جديدة لدعم القطاعات المتضررة، حيث إن المبادرة السابقة كانت شاملة، أما هذا المقترح قاس الوضع بشكل عام وصنف القطاعات المتضررة على مستويات، وهناك قطاعات غير متأثرة وأخرى منتفعة من الأزمة.

وإذا تم قياس الوضع بشكل عام بتقدير الجهات العالمية، فإن عدد المسرحين المتوقع ارتفع من 150 مليون إلى 300 مليون شخص في آخر أسبوع من شهر يونيو، وعلى الرغم من ذلك فإن معدلات التسريح في البحرين مقارنة بالعام الماضي ورغم من الظروف الاستثنائية كانت الأقل.

وفيما يخص المقترحات التي كان لها دور فعال، فكان أهمها تشديد الرقابة على الأسواق وعلى أسعار السلع والتي أدت لكشف عدد من الأمور ومعالجتها، بالإضافة لمقترح إنشاء الصندوق التكافلي يكون به مساهمون من المؤسسات والشركات والأفراد وكذلك الحكومة صندوق "فاعل خير" بالإضافة إلى حملة "فينا خير"، اللتين تم تقديمهما كمقترح من البرلمان.

هناك تخمة في الاقتراحات، كيف تقرأ هذا العدد الكبير من الاقتراحات في ظل الأزمة وهل ترى أنها ظاهرة جيدة؟

العامر: من الطبيعي أن يكون هناك تخمة لأن الوضع غير طبيعي، فبالتأكيد سيكون رد الفعل غير طبيعي، بالإضافة للتنافس الحادث بين النواب، وضعف ثقافة بعض النواب جعلت هناك كماً كبيراً من الاقتراحات تطرح وتوجد، وكان هناك خوف من الضغط الشعبي، وأزمة فيروس كورونا كالحرب العالمية وأنا كطرف في هذه الحرب، فإن أهدافي تتلخص في الفوز والخروج بأقل الخسائر واستغلال الفرص والحصول على مكتسبات، وكان هناك إشادة كبيرة على المجلس البرلماني البحريني وهو أمر محسوب.

- ما مدى إمكانية استمرار العمل عن بُعد وهل سيكون توجهاً مستقبلياً؟

جعفري: ظاهرة العمل من مواقع العمل دخيلة، حيث إن الأصل كان في العمل عن بُعد، وحسب الدراسات الحالية التي قامت بها شركاتنا، فإن تحسن الإنتاج وصل إلى 320%. كما إن 35% من الوظائف يمكن إنجازها عن بُعد، و 25% يمكن العمل فيها عن بُعد بشكل جزئي، و40% من الوظائف تحتاج لتواجد الموظف أو العامل في ميدان العمل.

لم تتحدث عن التسريح أو تقليص عدد العمال، وكيف هي ملامح الفترة القادمة ؟

العمل عن بُعد يزيد الإنتاجية والمردودية، بل ويصنع فرصاً جديدة للتوظيف، لذلك فإن التسريح أو تقليص العمالة هو أمر غير وارد، وهذا النمط المتواجد يعتبر مستبداً ونحن بحاجة لجرعات من المرونة في العمل، حيث إن هذه المرونة تزيد من الإنتاجية والربحية.

الفترة القادمة بدأت الآن، ونحن كشركة استشارية كنا ننادي بآلية العمل عن بُعد، ولكن كن هناك تخوف من فقدان السيطرة على مجريات العمل، إلا أن الأزمة كشفت عكس ذلك حيث إن الأدوات الرقمية تفرض سيطرة أكبر وتتيح رصد أعمال الفرد وإنتاجيتة، وهناك تغير في ثقافة العمل عن بعد وباتت محبذة وأوضحت أن لها مردوداً عالياً جداً، والسبب الذي يجعل من الشركات والمؤسسات لا تلجأ إليها يعود لضعف قدرتها الإدارية، واعتقد أنه بتواجد الموظفين أو العاملين في موقع العمل، فستكون السيطرة أسهل في حين أن هذا الأمر يفقد السيطرة في الواقع.

كيف يمكن أن يؤثر اقتصاد الإلهام في ظل "كورونا" على الأفراد؟

دنيا: أولاً، اقتصاد الإلهام هو اقتصاد قائم على إحداث تغيرات بدون موارد أو بأقل الموارد الممكنة، وكيفية البحث عن القوى الداخلية بل القوى الخارجية.

ويقوم اقتصاده على عدة اقتصادات أخرى منها "استشراف المستقبل"، وكان لجمعية الإلهام دور سباق في التنبؤ بصناعة الأثر في عصر الأزمات، وتم التنبؤ بأنه في 2020 سيكون هناك عدد من الأزمات، و"كورونا " هي بداية الأزمات وأخفها، وفترات الرخاء لا تصنع الفرص.

وبالعودة عبر التاريخ، فإن جميع الاختراعات والمنتجات ظهرت في فترة الأزمات إما الحروب أو ظهور الأوبئة أو الحاجات الاقتصادية وغيرها، لذلك فإن الأزمة تولد الفرص ولكن ليس في كل المجتمعات، وتختلف الدول في استغلالها.

وتعقيباً على ما تم مناقشته حول طرح النواب لأكثر من 100 مقترح، وبدل التحدث بالأرقام سنتحدث حول كم من هذه المقترحات كانت بحسب تفكير رأسمالي يقضي على العالم، وكم من هذه المقترحات كانت بتفكير رعائي وأوضح استعداده لدعم الحكومة، وكم من هذه المقترحات كانت من تفكير تنموي، وإذا وصلنا لمرحلة "نخل" الأمور بهذا المعيار وليس بمعيار عددي، حينها سأبدأ بتغيير طريقة تفكيري.

نعم، كانت هناك مجموعة من الحزم، ولكن هل غيرت هذه الحزم من التفكير البحريني؟، بالعكس زاد الاستهلاك، ولم يحدث أي ركود في السوق، وهذا الأمر يطرح العديد من التساؤلات حول التغير المفروض والتغير الحقيقي الذي حدث.

إذاً، هذه الأزمة تأثر بها صغار التجار، فهل كان لهذه التجارة مشاريع لتدوير الأموال المحلية، وهل هناك صناعات حقيقية نحتاجها، وطالما كان هناك دعم والتفاف في دوامة مفرغة، فسنظل باحتياج هذا الدعم في كل عثرة تصادفنا وفي كل أزمة سنمر بها، ولن ننظر إلى الموارد الحقيقية.

فاليوم، تقاس الأمور بالدروس المستفادة من الأزمات، وتكون النماذج الحقيقية بتغير النظر في الأمور، حيث إن هذه الأزمة أعطت درساً لبعض العاملين في القطاع الخاص وبينت عجزهم عن دفع رواتب الأجانب.

كما أوضحت الكثير من الأخطاء التي غفلنا عنها، كهدر الأموال في بناء مبانٍ، في حين كان من الممكن أن نقوم بإنشاء بديل مثل "ابلكيشن" أو تطبيقات إلكترونية، بدل الاعتماد على التطبيقات الخارجية والتي ارتفعت معدلات استخدامها في فترة العمل عن بُعد، ما يدل أننا نسير على ذات النمط مع تغير الوسيلة، وأن الاعتماد ليس على الصناعة المحلية.

جعفري: التوجه العالمي أثبت عدم فعاليته، حيث إن أكبر الدول اقتصادياً تعاني من آلام وجروح بسبب الأزمة، ويعيش 16% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية تحت خط الفقر، ونحن نسير على منعطف خطير ولن نتعلم ما لم نتلقَ صفعات.

أعتقد أن هذا كان أول "كف" ليحقق الوعي، وانأ متفائل بالأزمات لأن الإنسان مخلوق غير حكيم، ولا يمكن أن يتعلم أو يعود للطريق السليم ما لم يمر بضغوطات، والاقتصاد الرأسمالي لم يكن متوحشاً بهذا الأسلوب وكان يقوم بإضافة قيمة لأي سلعة أو خدمة ليعمم الخير على الجميع.

وفي البحرين صفرنا الأمية، كما أن الفقر الأممي صفر بدعم الحكومة، وهناك مشكلة في العملية بسبب عدم جديتنا في حل المشكلة بل نستمر في مناقشة معاني المشكلة، لذلك يجب ترك كل هذه الأمور، والبحرين من الدول التي تتصدر الربع الأول على القوائم العالمية، ولكن المشكلة في التوزيع والإنصاف، ولم تعد الرواتب المرتفعة تكفي.

بالعودة إلى النائب، أنت كمشرع ما تعليقكم على جملة المشاكل التي طرحت، من إدارة واستهلاك وخطة وإلى أين سنذهب؟

كان هناك مكتسبات جديدة، حيث كانت هناك بعض الأشياء التي صنعت في البحرين منها أجهزة التنفس بتوجيهات من صاحب السمو الملكي ولي العهد، وتم تصنيع جهازين أولها بحريني الصنع بنسبة 100% والثاني بنسبة 80%، ويكلف الجهاز 600 دينار واستيراده يكلف من 50 إلى 80 ألف دولار، وكان هذا أحد التحديات التي تم تخطيها واعتبر نجاحاً للبحرين.

أما بالنسبة لملف البطالة وبحرنة الوظائف، فهناك إعداد كبيرة في القطاع الحكومي تصل 280 مهندساً يمكن إحلالهم بشكل فوري، وتصل رواتبهم لـ7 آلاف دينار، وهذه تعتبر طامة كبرى، وكنا قمنا بعمل مقارنة بالميزانيات التي توضع للمشاريع ولاحظنا أن القطاع الخاص يستطيع تقديم الخدمة بنسبة تخفيض تصل لـ50% مقارنة بالقطاع الحكومي وبكفاءة أكثر وسرعة، فهذه فترة تصحيح يجب استغلالها.

هناك 493 ألف وظيفة لأجنبي مقابل 10400 عاطل قابلين للزيادة في فترة أزمة كورونا، ولكن هناك وظائف مرموقة ونملك كوادر بحرينية مؤهلة لها.

- وهل هناك فجوة بين الواقع وبين إدراك المواطن لصعوبة الوضع الاقتصادي؟

العامر: نعم هناك فجوة، ولم يكن هناك دراية بالأمور الاقتصادية، وميزانية الدولة بها ما يتراوح بين 17 و 18% نسبة دعم خليجي، غير الدين العام الذي يصل إلى 700 مليون وهو مبلغ ليس ببسيط.

نحن بحاجة لإيصال هذه المعلومات لكل المواطنين، وهناك نظرية استنتاجية خاصة تنص على وجود تأثير خلال هذه المرحلة ستؤدي إلى تباطؤ وكساد وركود، وتعتبر هذه المرحلة هي الأنسب للدولة لتقوم بضخ الأموال وكان ما دفعته الحكومة في المبادرة الأولى للدعم بقيمة 100 مليون دينار، وتم سحب ما تبقى من مبلغ المبادرة من البنوك، وتمكين ومن الرسوم البلدية والإعفاءات التجارية وقطاع السياحة وكانت بادرة ذكية.

ولكن في المقابل كان هناك خسائر في الإيرادات تتراوح بين 300 إلى 400 مليون دينار، وهذا المبلغ ليس لشراء الكماليات بل هو للتخزين ووضع الاحتياطي، حيث إن تبعات كورونا لا يمكن حصرها أو تقديرها، وسيكون هناك دور كبير للنواب في الفترة القادمة وإذا لم يكن هناك دعم خليجي فقد نلجأ للدين.

يجب وضع خطة استباقية مضمونة للانهيارات والتبعات الاقتصادية التي يمكن أن تحدث في المستقبل، وتملك البحرين عدة مصادر لضخ السيولة في حال عدم توفر أي دعم، وفي حال التوجه للدين الجديد فسيكون هناك أضرار مستقبلية ومن الصعب حماية كل القطاعات، ونحن في حرب لذلك لابد من وجود خسائر.

- هل يزيد الإقبال على تخصصات ما ويقل على تخصصات أخرى؟

جعفري: نعم هناك غربلة في هيكلة الوظائف في الكثير من المؤسسات بما فيها القطاع العام، وسيكون هناك انفجار على الوظائف الرقمية، وسيكون الاتصال الرقمي هو الأعلى، وهناك مؤشر قوي جداً لتقنين الوظائف والتكلفة، وزيادة الإنتاج يتجه تصاعدياً.

وسيكون هناك تقلص في عدد من الوظائف كالمحاسبة والمحاماة والعمل المصرفي، حيث ستتجه كلها للعمل الرقمي بشبكات مترابطة، وسنتجه للابتكار في العمل ويعرف الابتكار بأداء نفس العمل ولكن بأسلوب أقل كلفة وأقل زمناً وأكثر إنتاجية ومهنية، وسيكون الابتكار هو "لعبة الغد".

- ما دور اقتصاد الإلهام في المرحلة المقبلة وكيف تستفيد الحكومة منه لمرحلة ما بعد "كورونا"؟

دنيا: اقتصاد الإلهام لن ينتظر مرحلة ما بعد كورونا، ونحن مستمرون بعملنا حيث إننا من الجمعيات التي لم تتوقف عن العمل، وتم نشر أكثر من 20 ورقة علمية بمجلات علمية محكمة خلال 3 أشهر، وهو عدد يفوق الأوراق المنشورة لكبار المؤسسات الأكاديمية والبحثية في البحرين، وسيتم نشر المزيد منها في المستقبل القريب.

كما تم إنشاء شبكات بحثية منها شبكة الاكتفاء الذاتي وشبكة لعمل وفرق الشباب، إضافة لشبكات خاصة بجودة الحياة والتمريض والمهن المستقبلية، والهاجس الأساسي لاقتصاد الإلهام هو البحث العلمي وهناك شبكة كاملة مختصة "باستشراف المستقبل "، وكثير من نتائج هذه الشبكة نراها اليوم على أرض الواقع.

وعن كيفية المساهمة في المجتمع المحلي، فإن فكر اقتصاد الإلهام هو فكر عالمي، ونفخر بكوننا بحرينيين ولكننا لا نعمل للبحرين بل للعالم، وكل الشبكات المنشأة هي شبكات عالمية بمختلف الدول، في الهند والدول الأفريقية وغيرها، وهناك مشاريع مختصة بأزمة "كورونا".

كانت بداية الاقتصاد بمشاريع تعمل مع عدد من الحكومات في منطقة الخليج، وكما نطالب الحكومة بتعدد مصادر الدخل، فنحن كأفراد مطالبون بتعددية المهارات، وينظر اقتصاد الإلهام للأمور بمناظير مختلفة حيث نشرك جميع التخصصات في الأوراق البحثية وننادي للتعدية للخروج بأفضل المشاريع ، و"نزرع في الأرض الخضراء"، وتعتبر البحرين من الأراضي الخصبة لأن بها مختلف أنواع المشاكل الفريدة والمختلفة، ولكن نتوقف عند مسألة استعداد العقليات المحلية بالمجتمع البحريني.

- ما هي المفاهيم الجديدة التي دخلت المجتمع بعد "كورونا" وكيف ستكون النظرة الاستهلاكية؟

دنيا: نتحدث نحن عن النظرة الاستهلاكية، في حين يتحدث العالم الغربي عن العادات الجديدة التي نتجت بفعل أزمة "كورونا"، والتي ستكون في التكيف مع الحياة الطبيعية الجديدة القادمة، سنعود لأعمالنا حتى دون وجود لقاح، وستكون الدروس إما بتغير الاستهلاك أو سنظل على ما نحن عليه.

لا توجد هناك توعية كافية للاستهلاك، ولا نقدم سوى 10% فقط من الدورة الاستهلاكية، وعلى الرغم من قلة المدخول إلا أن الاستهلاك في تزايد، بل وتعددت المظاهر الاستهلاكية في المجتمع البحريني، ما أدى إلى ارتفاع أسعار عدد من المنتجات وانتهائها من السوق، على عكس الدول الغربية والأوروبية التي استثمرت توزيع الأوقات خلال الأزمة بالطرقة الصحيحة، وتعديد المهارات، والمنظور الاستهلاكي لا ينحصر في المنتج فقط بل هو معرفة وعلاقات ومهارات واستهلاك لموارد.

- ما هي التحديات التي كشفتها أزمة "كورونا" على صعيد التشريع؟

العامر: نعتبر من الدول المحظوظة حيث لم نتعرض لما تعرضت له الدول الكبرى والمتقدمة التي شلت حركتها ورفعت رايتها البيضاء وحدث في البحرين بطْء ولكن مع المتابعة والمقترحات المقدمة من مجلس النواب لفتح كل المنصات الإلكترونية لكل الأجهزة، وتقديم الخدمات المحتاجة من خلالها، وفتحت بشكل تدريجي وتمت العودة للحياة بشكل طبيعي.

وعلى الرغم من أن هناك بعض الوزارات عانت لم تقدر على ترتيب كل الأمور، ولكن المنصات الإلكترونية تم توفيرها بشكل تدريجي حتى وصلوا للمرحلة المرضية.

-سلوكيات المواطن الجديدة وأولويات المرحلة المقبلة.

العامر: يجب أن يكون هناك تكيف مع الواقع، ويجب أن نطور من الكفاءات والمهارات، وتطوير جميع البرامج للتناسب مع المرحلة المقبلة، والتحول إلى المنصات الرقمية، وتطوير مهارات الأفراد بحيث يكون متعدد التخصصات والمهارات.

كما يجب أن يكون الموظف في المرحلة المقبلة مهيأ بشكل يتناسب مع التطور وتبعات المرحلة، وستكون من مسلمات المرحلة تقليل أعداد العمالة، وفيما يتعلق بالمتضررين فإما أن يقوم بتطوير نفسه أو أن ينتقل لتخصص آخر يتماشى ومهاراته، ولا يمكن إعطاء ضمانات بنسبة 100%.

جعفري: تكيف المواطن مع المرحلة المقبلة يعتمد على بيئة المرحلة المقبلة، وهناك مسؤولية تقع على عاتق عدد من الأطراف قبل التوجه للمواطن، وهذه الأطراف مطالبة بطرح بيئة مؤاتية للتكيف، والمواطن البحريني سريع التكيف مع المتغيرات، حيث يحظى بنفسية مرنة، وتكمن الصعوبة في البيئة.

وعلينا الانتباه للأمية الرقمية، حيث إن هناك نسباً من المواطنين "أميين رقمياً"، لذلك ستكون البيئة المستقبلية غير مريحة لهم، وليس لدي أي خوف أو تحفظ على الفئة الشبابية المبهرة التي لا نواجه معهم مشكلة، إنما التحدي سيكون في الشريحة المفتقرة للعلم الرقمي.

دنيا: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وهذه الرسالة الأولى التي يجب أن تصل لكل فرد ولكل مواطن على أرض البحرين، ونحن كأهل جزر نتكيف بمرونة أكبر وتعتبر من الهبات الجغرافية، وأرض البحرين بها خلطة مختلفة من المواطنين.

رسالتي للمواطن القادم التقليل من الاستهلاك والنظر للاستثمار في منتج حقيقي وأن لا يعتمد على متطلبات المرحلة الحالية فقط وتعليم التفكير التحليلي والموسوعي وتعديد المهارات، والاستعداد للمرحلة القادمة وإلا لن يتغير بنا شيء.