بات الموقف الخليجي تجاه الدور التركي في منطقة الخليج العربي، أو حتى أدواره الواسعة في المناطق الممتدة من سوريا والعراق إلى ليبيا وصولاً إلى الصومال التي تتواجد فيها أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج، بحاجة إلى موقف مختلف، ولا يمكن الوقوف على هذه التحركات التركية الاستراتيجية القائمة على الاستراتيجية القديمة للدولة العثمانية.

ليس مجدياً السماح لأنقرة بهذه التحركات، والتدخلات واسعة النطاق مهما كانت المبررات والمسوغات، وحتى الاتفاقيات. فأنقرة بالتأكيد لها مصالح في الخليج العربي، لكن هذه المصالح يجب ألا تكون على حساب دول الخليج، كما هو الحال في انتهاك سيادة الشعب القطري، واستنزاف ميزانيته بشكل فج دون توقف لمعالجة الأزمة المالية التركية العميقة.

إذا تمكنت تركيا من التمدد أكثر في مياه الخليج بتحالفاتها الاستراتيجية مع قطر وإيران، وقد تتطور لاحقاً إلى تحالفات أخرى، فإن الخليج العربي أمام منعطف خطير بسبب دخول قوة إقليمية بقواتها العسكرية إلى المنطقة للسيطرة عليها. رغم أن تركيا من دول الجوار العربي، إلا أن الحل الأمثل دائماً يكون في الحفاظ على علاقات متوازنة مع دول الجوار الجغرافي تحديداً.

في العام 2016 أصدرت كتابي «الخليج بدون الأمريكان: 25 سيناريو لمستقبل الخليج العربي»، وتضمن سيناريو «تفكك المنظومة الخليجية» الذي ينتج عن تباين في المواقف السياسية وخلافات حادة في المصالح، وبروز قضايا خلافية بشكل كبير. ينطبق هذا السيناريو تماماً على المنطقة، فهناك اختراق تركي للمنظومة الخليجية من خلال قطر، وكلما استمر هذا الاختراق للدوحة، وتعمق التحالف الاستراتيجي بين البلدين كما زادت مخاطر تفكك المنظومة الخليجية، وتأثر الخليج العربي سلباً بهذا التحالف.

لذلك تزداد الحاجة لموقف مختلف تجاه تركيا التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على دول الخليج العربي، خاصة في القطاعين السياحي والاستثماري، وإذا استمر التمدد التركي للمنطقة ولمناطق أخرى من العالم العربي، فإن سلاح الحد من العلاقات القائمة سيكون سلاحاً مهماً لهذه المواجهة، فلا يمكن القبول أو الرهان على قوة إقليمية تسللت إلى الخليج قسراً.