كتب:علي حسين

أكدت دراسة علمية أنّ الحفاظ على سلامة الأسرة هو الباعث الرئيس للمواطنين والمقيمين في المملكة للالتزام بالتباعد الاجتماعي في إطار الإجراءات المتخذة للتعامل مع فيروس كورونا.

وأوضحت الدراسة التي أعدّتها الباحثة ندى نسيم أنّ أغلب أفراد العينة أكدوا أنّ خوفهم من نقل العدوى لأفراد أسرتهم هو أكبر باعث لهم للالتزام بالتباعد الاجتماعي.



وفي مقابلة مع "الوطن" أكدت الباحثة بأن هذا البحث يتزامن مع تداعيات جائحة فيروس كورونا التي أصابت العالم وتركت تأثيرات على كافة المجالات الحياتية وأهمها المجال النفسي والاجتماعي، وللباحثين في المجال النفسي والأسري اهتمام بالغ فيما تحدثه الأزمات من تأثير على أفراد المجتمع وخاصة في مجال العلاقات الأسرية والمجتمعية، لذلك تم اختيار هذا الموضوع لإعداد دراسة والذي جاء ضمن أحد المواد الدراسية الخاصة بماجستير الإرشاد الأسري– قسم علم النفس بجامعة البحرين، حيث تم تنفيذ هذه الدراسة تحت إشراف الدكتور القدير أحمد سعد جلال – أستاذ علم النفس المشارك – جامعة البحرين.

وتهدف الدراسة التي تم تنفيذها إلى التعرف على محورين أساسيين، أولاً: التعرف على وعي المجتمع البحريني بمفهوم التباعد الاجتماعي، ثانياً: الإجابة على السؤال: كيف أثر هذا التباعد على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد من خلال تفاعلهم الأسري الإيجابي أوالسلبي في ضوء ما أحدثته الجائحة من تغييرات في نمط المعيشة وطبيعة الحياة تحت مظلة التباعد الاجتماعي، و بناءً على ذلك تم تطبيق استبيان إلكتروني على عينة عشوائية و بلغ عدد المشاركين فيه( 234) فرداً من المجتمع، وكانت نسبة مشاركة الإناث بنسبة 51% و نسبة مشاركة الذكور 49% من إجمالي العينة، كما تم تحديد بنود الاستبيان في 27 سؤالاً مقسمين على بعدين، حيث يتناول البعد الأول ( مدى وعي الناس بمفهوم التباعد الاجتماعي)، بينما يركز البعد الثاني على (تأثير التباعد الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية ).

أكدت الدراسة العلمية البحرينية أنّ الحفاظ على سلامة الأسرة هو الباعث الرئيس للمواطنين والمقيمين في مملكة البحرين للالتزام بالتباعد الاجتماعي في إطار الإجراءات المتخذة للتعامل مع فيروس كورونا.

وأوضحت الدراسة العلمية التي أعدّتها الباحثة ندى نسيم بعنوان "أثر التباعد الاجتماعي بسبب جائحة كورونا على العلاقات الاجتماعية في البحرين أنّ أغلب أفراد العينة أكدوا أنّ خوفهم من نقل العدوى لأفراد أسرتهم هو أكبر باعث لهم للالتزام بالتباعد الاجتماعي، وأشارت الدراسة إلى أنّ السبب الثاني الذي يدعو المواطنين والمقيمين إلى الالتزام بالتباعد الاجتماعي هو رغبتهم في تجاوز محنة كورونا بسلام.

أما في محور العلاقات الاجتماعية بالاستبيان الخاص بالدراسة، فقد أشارت النتائج إلى أنّ التزام المواطنين والمقيمين في البيت عزز من الروابط الأسرية. كما أشارت نسبة عالية من المبحوثين إلى أنّ الروابط بين الأفراد لا تحكمها المسافات.

ومن جانب الفائدة المرجوة قالت الباحثة ندى نسيم إنّ خلاصة نتائج الدراسة التي شملت 234 من المواطنين والمقيمين تؤكد أن المجتمع البحريني لديه وعي كبير بمفهوم التباعد الاجتماعي وحرص شديد على تطبيق الإجراءات اللازمة التي أوصى بها الفريق الطبي لمكافحة فيروس كورونا وتوضيح أهمية الالتزام بها حفاظاً على سلامة الأفراد و أسرهم، بالإضافة إلى أن هذا التباعد قد ولّد الكثير من الإيجابيات التي تم استنتاجها من خلال إجابة الأفراد على أسئلة الاستبيان، ومنها اكتساب مهارات جديدة مثل العمل عن بُعد وتعزيز الجانب الإلكتروني في التواصل مع الآخرين والاستمرار في التواصل مع الأهل عن بُعد.

أما فيما يخص العلاقات الاجتماعية فأشارت نسيم إلى أن ردود عينة الدراسة ومشاركتهم في الاستبيان أوضحت التأثير الإيجابي للجائحة على العلاقات الاجتماعية سواء كانت في محيط الأسرة أو في نطاق الأهل أو مع الأصدقاء مما أدى إلى زيادة التماسك الأسري و تعميق الروابط بين الأفراد، لذلك أصبح للأسرة قيمة مضافة خلال هذه الجائحة، فالتباعد الاجتماعي أتاح فرصة للأسرة لكي تحافظ على النسق الأسري بصورة سليمة من خلال تفاعل الأفراد فيما بينهم بنمط مختلف عن السابق، فقد تعززت مظاهر الألفة ومشاعر المحبة وتحسين العلاقات بين الأفراد حتى أصبحوا يشعرون بقيمة ما يمتلكون و خاصة أن هذا التباعد أتاح الفرصة للوقوف مع الذات وإعادة النظر في الكثير من الأمور والاستفادة من هذه الدراسة والتي تعد مدخلاً إلى بحث المزيد من الدراسات مستقبلاً والمتعلقة بجائحة فيروس كورونا و تأثيرها على العلاقات الأسرية وعلى النسق الأسري في المملكة، واستثمار النتائج لتطوير فنيات الإرشاد النفسي والأسري وخاصة خلال الأزمات.

وعن ما إذا كانت الأجواء قد ساعدت في عمل وعرض الدراسة، أكدت نسيم أن البحرين أرض خصبة للإبداع والتطوير وعمل الدراسات حتى خلال الأزمات، وقد أثلج صدري تعاون أفراد المجتمع في نشر الاستبيان الإلكتروني وسرعة تجاوبهم مع الموضوع، كما لا أنسى الدعم المستمر والتشجيع الذي نحظى به من خلال الدكاترة الأكاديميين الأفاضل في جامعة البحرين، جميع تلك الجهود محفزة لعمل الدراسات ونشرها لتعميم الاستفادة.