كحال الصحف الصفراء ومجلات الفضائح التي تبحث عن إثارة الجدل والنبش في ماضي الآخرين وتحوير كلامهم لتأليب المتابعين والقراء في سبيل الانتشار والحصول على أكبر عدد من ردود الأفعال مما يعني انتشاراً أكبر وفرصة إعلانية أكبر، هناك نوع من البشر تقوده غريزته لاتباع هذه الصفحات وشهوة النبش في حياة الآخرين بحثاً عن زلة، أو كلام يمكنه إخراجه عن مساره في محاولة تجييش الرأي العام عليه أو تشويه صورته وكل ذلك إشباعاً لرغبته في رؤية سقوطه.

فهناك نوع من البشر يتلذذ برؤية أي ناجح يسقط حتى وإن كان يقدم محتوى مفيداً بل وكان من سفراء دولته لإبرازها في مختلف منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن الحقد والحسد وكره رؤية الناجحين يقوده في مسار البحث والطعن مكوناً مادة دسمة للصحف الصفراء التي تفضل هذا النوع من القراء الذين يثرون سياسة عملهم.

إن إشباع شهوة النفس البشرية بسقطات الآخرين أو المساهمة بفضحهم فيما يخص أمورهم الشخصية أو حياتهم الاجتماعية بعيداً عن أفكارهم وآرائهم هي ظاهرة منتشرة بشكل كبير في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي، فالكثير من يترك أطروحاتك وأفكارك ويتجه لشخصنة الخلاف معك، وانتقادك لأنك لست على مزاجه.

فلا يتجه هذا الشخص لمناقشة فكرك والاستماع لوجهة نظرك ومن ثم طرح وجهة نظره الخاصة للوصول لنقطة اتفاق أو أرضية خصبة للنقاش، ولكنه يترك كل هذه الآداب ويهاجم شخصك أو عائلتك ويتعدى عليك بالشتيمة لمجرد أن آراءك لا تتناسب مع أفكاره التي يعتبرها مقدسة وغير قابلة للنقاش.

يجرني هذا الحديث إلى فكرة كهنوتية الأشخاص وتقديسهم وتقديس آرائهم، بحيث أن الأشخاص يتبعون شخصاً بكل مقولاته وأفعاله، فلا هي قابلة للنقاش ولا هم مستعدون أصلاً للخروج عن فكرة احتمال الخطأ فيما يقول أو يفعل، وكل خلاف لرأي هذا الإنسان يقابل من مريديه بالطعن والهجوم وكأن كلامه منزل من السماء وهو منزه عن الخطأ.

لا يختلف الحال كثيراً بين كهنتة الشخوص وتقديسها، وبين من يعتبر كل خلاف بالرأي معه خلافاً شخصياً يحتاج لتصفية حسابات.

لنتجه نحو تقديس الفكرة ونقاشها وليس الشخص الذي طرحها كي نصل إلى أرضية صلبة توصلنا لنقاش صحي لرسم أسمى صور الوعي والثقافة في مختلف المنصات.