في الغالب، والله أعلم، سينتهي كل تحقيق يجرى لمعرفة قتلة المحلل السياسي والخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي الذي اغتيل الأسبوع الماضي إلى اعتبار القاتل مجهولاً، فقد كان هذا مصير جل أو ربما كل جرائم الاغتيال التي تم التحقيق فيها في العراق. فبسبب أوضاع العراق الحالية لا يمكن توجيه أصابع الاتهام لشخص أو جهة بعينها حيث إمكانية أن يقوم أي شخص أو أي جهة بتنفيذ عملية اغتيال واردة في كل حين ؛ فالحوادث التي تتالت في العقدين الأخيرين بينت أن هناك العديد من الجهات التي يمكن أن تكون لها مصلحة في تنفيذ مثل هذه العمليات في كل حين.

في حالة هشام الهاشمي يسهل توجيه الاتهام إلى داعش وإلى الحشد الشعبي وإلى مختلف الميليشيات النشطة.. وإلى الأمريكان وغيرهم، فالعراق للأسف تحول لأسباب كثيرة إلى ساحة لتصفية الحسابات ولم يعد ممكناً السيطرة عليه إلا أن يشاء الله. لهذا فإن ملخص ما يراه العقلاء في كل مكان هو أن يلتف الجميع حول راية مصطفى الكاظمي والتعاون معه وإعطائه الفرصة الكافية لترجمة قدراته وخططه. عدا هذا فإن الحال في هذا البلد العربي سيستمر، ولن يكون الهاشمي آخر الضحايا.

لا يمكن لأحد أن يقول بأنه لا مصلحة للأمريكان في اغتيال الهاشمي ولكن أيضاً لا يمكن لأحد أن يوفر الدليل على قيامهم بهذه الجريمة، والأمر نفسه فيما يخص داعش والحشد الشعبي ومختلف الميليشيات التابعة للنظام الإيراني. وكما أن إصدار كل هؤلاء لبيانات الشجب والإدانة والاستنكار لا تعني أنهم أبرياء كذلك فإن تأكيد تورطهم أمر صعب حتى لو صدر عنها ما يعبر عن إشادتها بما حدث، فالحسبة في العراق ضايعة.

المؤلم أن الحسبة ليست ضائعة في العراق وحده ولكنها كذلك في سوريا ولبنان واليمن وليبيا وغيرها، فعندما تحل الفوضى في أي بلد فإن التحقيق في أي جريمة ينتهي إلى نسبتها إلى مجهول.