أثار قرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي أصدره أمس الجمعة تغيير وضع متحف "آيا صوفيا" جدلا واسعا وانتقادات دولية.

ووقع أردوغان المرسوم الذي تم بمقتضاه تسليم آيا صوفيا إلى رئاسة الشؤون الدينية بتركيا، بعد أن كان متحفاً، وأكثر المواقع التاريخية جذبا للسياح. في حين أعربت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم اليونسكو عن "أسفها الشديد" لقرار تركيا تغيير وضع المتحف المُدرج في قائمة التراث العالمي، قائلة إن ذلك تم بدون أي إشعار مُسبق.



فقد أوضح المعارض السياسي، محمد عبيد الله، المقيم خارج تركيا خوفاً من ملاحقة السلطات، في حديث لـ " العربية.نت " أن أردوغان هدف من وراء القرار ضرب عدة عصافير بحجر واحد." وتابع شارحا: يسعى أردوغان عامة إلى التخلص من إرث الرمز التركي العلماني كمال أتاتورك، وضرب التيار العلماني المناوئ له سياسيا، وترويج نفسه كخليفة ديني يحافظ على مقدسات الإسلام والمسلمين، وتوجيه رسالة انتقام للغرب المعادي لسياسته في سوريا والعراق وليبيا والبحر المتوسط."

كما أضاف أن "الرئيس التركي يسعى أيضا إلى إنقاذ شعبيته في الداخل التركي بعد أن تصدعت وانهارت بسبب تدهور الاقتصاد وغياب الأمن وتراجع الحريات، وانشقاقات التيار المتحالف معه ومع حزبه".

إلى ذلك، رأى أن أردوغان المأزوم "يبحث عن مشروعيه جديدة تمكنه من القضاء على ما تبقى من حركة فتح الله غولن، الخصم القوي والرئيسي ضده وكذلك اللاعب السياسي الكبير الجديد أحمد دواد أوغلو".

تلميع الصورة

إلى ذلك، رأى أن أردوغان سيستغل التنديدات والانتقادات التي طالته من اليونان واليونسكو والأمم المتحدة، ويستخدمها في الترويج لنفسه كزعيم كبير للعالم الإسلامي، يتعرض لهجمات وانتقادات من الغرب.

وفي السياق، أكد المعارض التركي أن زعيم الحزب الحاكم يروج في الداخل لنظرية الضحية، وأنه يتعرض لهجوم غربي ودولي بسبب النجاحات والإنجازات المزعومة التي حققها، كما يروج أن تدخله في سوريا والعراق وليبيا وغيرها، كان للدفاع عن المسلمين وحقوقهم، ومصالحهم التي تهدر على يد الغرب العلماني ".

وقال إن أردوغان يردد لأنصاره في الداخل أن الغرب يريد إعادة تركيا للأيام السوداء الماضية - على حد تعبيره – ولذلك يحاولون التخلص منه، وتشكيل تحالفات ضده واستهدافه واستهداف مشروعه وسياساته، مشيرا إلى أنه يخلق لنفسه عدوا خارجي وآخر داخلي للإبقاء على شعبيته، والدعاية بأنه الزعيم القادر على إعادة الخلافة العثمانية.

إلى ذلك، اعتبر أن الرئيس التركي يلعب على وتر المشاعر الدينية، فموضوع آيا صوفيا ديني ورمزي، ويمثل رمزا لتيارات الإسلام السياسي في تركيا، كما يمثل انتصارا معنويا على التيار العلماني، وسيستغل أردوغان افتتاح هذا المسجد لزياده رصيده السياسي عند الإسلاميين وعلى حساب باقي القوميات والتيارات الدينية والسياسة والعرقية في البلاد.

كما ذكر أن "أردوغان عند بداية عهده كان يبشر بحقوق الإنسان وحقوق الأقليات، والأكراد، والنهضة الاقتصادية، لكن كل ذلك تبخر بعد بعد محاولة الانقلاب عام 2016، فحول البلاد إلى سجن مفتوح.

وأكد أن تركيا تشهد حاليا انهيارا في كل المجالات، وتدهورا للاقتصاد وانهيار العملة، لذا لم يجد الرئيس، بحسب تعبيره، شيئا يستغله للبقاء في السلطة سوى اللعب على المشاعر الدينية وعلى أوتار الإسلاميين، متأملا بحصد دعمهم للبقاء في السلطة. ولفت إلى أن استطلاعات الرأي التي أجرتها مراكز تركية رسمية، رأت أن قرار تحويل المتحف لمسجد، مجرد ورقة من أردوغان للتستر على انهيار شعبيته وفشل سياساته داخليا وخارجيا ودعم مغامراته في البحث عما يزعم أنه إرث أجداده في الخارج .

سر التورط بالنزاع الليبي

إلى ذلك، أضاف أنه وبسبب سياسات الرئيس التركي هربت الاستثمارات من البلاد وتراجعت تدفقات رؤوس الأموال، ما أدى لتراجع اقتصادي كبير، وهو ما يفسر سر مغامرات أردوغان في الخارج وسعيه للحصول على نصيب في غاز المتوسط ، ومناوشاته مع اليونان وقبرص، كما يفسر سر تورطه في النزاع في ليبيا أملا في الحصول على مكاسب سياسية تسمح له بالجلوس على مائدة التفاوض من جديد حول غاز المتوسط، والحصول على مكاسب اقتصادية ومالية كبيرة وعقود إعمار في ليبيا تعيد الحيوية لاقتصاده المأزوم.

وختم المعارض التركي مشددا على أن "آيا صوفيا" رسالة للغرب الرافض لتحركات أردوغان في منطقة الشرق الأوسط وليبيا والمتوسط، في محاولة للضغط والبحث عن وسيلة تجعله يجلس على مائدة التفاوض والحصول على مكاسب تنقذ حكمه.