رغم قساوة العام الحالي وظروفه المحلية والعالمية المعقدة بسبب جائحة «كورونا»، إلا أنه يحمل ذكرى تاريخية للبحرين، ومنطقة الخليج العربي، فهو العام الذي تتزامن فيه ذكرى مرور قرنين على توقيع معاهدة السلام العامة بين إمارات المنطقة آنذاك وبريطانيا، وهي المعاهدة التي حرّمت ممارسة القرصنة، وتجارة الاسترقاق، والعبودية وغيرها من البنود الموثقة. وقعت البحرين على هذه الاتفاقية من قبل الشيخين عبد الله وسلمان أبناء الشيخ أحمد الفاتح في 23 فبراير 1820 بقلعة الرفاع.

تلك الاتفاقية أنهت ممارسات الاسترقاق والعبودية تدريجياً في المنطقة، حتى انتهت هذه الممارسات تماماً بعد انتهاء الهيمنة البريطانية في الخليج العربي عام 1971. أنهت هذه الاتفاقية العبودية، لكن يبدو ـ بعد مرور قرنين من الزمن ـ أن ظروف مجتمعاتنا الخليجية لم تتمكن بعد من إنهاء الزينوفوبيا «كراهية الأجانب»!

استغرقت الفترة منذ توقيع معاهدة السلام العامة، وحتى رحيل بريطانيا وإنهاء اتفاقياتها في دول المنطقة نحو 151 عاماً كانت كفيلة بمحاربة أي نشاط يتعلق بالعبودية، لكن يبدو أن نصف قرن منذ الرحيل البريطاني لم تكن كافية تماماً لشعوب الخليج لتتحرر من زينوفوبيتها المقيتة.

منطقة الخليج العربي هي منطقة هجرات تاريخية، ومن المنظور الأنثروبولوجي والسيوسيولوجي تعد منطقة مفتوحة للتعايش بين مختلف الأديان والطوائف والأعراق، ليس بين القادمين من خارج المنطقة للسكن فيها، بل من قبل أهاليها وسكانها الذين كانوا يتنقلون في هجرات لا تتوقف طبقاً للظروف المعيشية والطبيعية إلى أن تم الاستقرار النسبي الكبير في القرن العشرين، وتحوّل السكان إلى شعوب لدول متنوعة كما نعرفها اليوم.

لذلك ليس منطقياً أن تستمر الزينوفوبيا، وتظهر من وقت لآخر، وقد يكون صعودها الآن تزامناً مع جائحة «كورونا» صعوداً طبيعياً لتطور كان كامناً لفترات طويلة، ولم تتح للمجتمعات الخليجية الفرصة لظهوره بالشكل الذي شاهدناه مؤخراً.

أعتقد أن الزينوفوبيا الخليجية غير منطقية تماماً، لكن قد تكون من مخرجات الدولة الخليجية الريعية التي أعادت تشكيل قناعات الخليجيين طوال الخمسين عاماً الماضية.