ليست قاعدة، ولكن أغلب الناس عندما يرون شخصاً «متيناً عريضاً» يتحدث مدافعاً عن حقوق الإنسان والفقراء ويقدم نفسه على أنه «ثائر ومعارض» لا يأخذون ما يقوله على محمل الجد، وفي الغالب لا يصدقونه، إذ كيف يكون كذلك وهو في تلك الحال التي لا تعبر إلا عن المرتاحين و»المتريشين»؟ الحال هنا لا يختلف عن حال ذلك الكاشخ بالبذلة الأنيقة وربطة العنق الحرير المشارك في اعتصام يطالب بالإنقاذ من الجوع وهو يرفع خبزاً في يد ويمسك في الأخرى موبايلاً آخر موديل يسولف مع أصحابه ويضحك!

أيضاً فإن أغلب الناس لا يختلفون في أن «الثائر المعارض» الذي ينشغل بالتنظير، متيناً كان أم «معسوياً»، أنيقاً أم مبهدلاً، يعني أنه ومن معه وصلوا إلى مرحلة الإفلاس. ذلك أن وصولهم إلى مرحلة التنظير وإصدار الأحكام على كل شيء على هواهم وعدم التردد حتى عن ذكر أسماء الذين يختلفون معهم عبر برامج الفضائيات السوسة التي لم تعد تجد غيرهم لتستضيفهم كي يقولوا ما تريد منهم قوله هو بمثابة إعلان عن إفلاسهم واقترابهم من لحظة رفع الراية البيضاء.

هذه الرسالة يجب أن تصل إلى جميع أولئك الذين لا يزالون يعيشون حالة الوهم التي أدخلوا أنفسهم فيها، فما خططوا له فشل، وما بدؤوه انتهى منذ زمن، ومن انخدعوا بهم تركوهم، ولم يعد لكل ما يفعلونه قيمة، والأكيد أن الذي شدوا به ظهرهم و»زهزه» لهم لم يعد قادراً على تقديم شيء يعينهم، فهو نفسه اليوم صار بحاجة إلى معين.

الاستمرار في المكابرة لن يوصلهم إلى مفيد، ولن يفيدهم تكرار ما ظلوا يقولونه عبر الفضائيات السوسة، فـ»الجماهير العريضة» لم تعد تثق بهم ولا تصدقهم، خصوصاً بعدما رأوا أنهم صاروا في تلك الحال المعبرة عن غوصهم في النعيم.. وخصوصاً بعدما تبين لهم أنهم دون القدرة على تخليص أبنائهم من الذي صاروا فيه.