رسالة وصلتني من سفيرنا في موسكو أحمد الساعاتي استأذنته بنشرها من أجل التذكير بالثوابت البحرينية:

«رغم إني لم أعد نائباً في البرلمان ولكن مازلت أتلقى مكالمات من أبناء دائرتي لطلب بعض الخدمات، فأرشدهم إلى الجهات المختصة.

يوم أمس تلقيت اتصالاً من مواطن من منطقة «عالي» يطلب بلهفة مساعدته في أمر عاجل وهو أنه أصيب بالسرطان في الكبد وحصل على متبرع بجزء من كبده -وهو أخوه- ووافقت وزارة الصحة على علاجه في الخارج وخيرته بين الهند وتركيا، فأختار تركيا، وباشرت السفارة بالترتيبات لابتعاثه مع زوجته كمرافق وكذلك المتبرع مع ابنه.

وكانت المفاجأة بأن السفارة التركية سلمتهم قبل يوم واحد من السفر فقط تأشيرات المريض والمتبرع ولم توافق على تأشيرات المرافقين! مع إن وجودهما ضروري جداً بسبب خطورة العملية. ولم تجدِ المحاولات مع السفارة وكان الوقت بعد الظهر والطائرة ستغادر غداً صباحاً.

طلبت من المواطن الاتصال بسعادة الدكتور إبراهيم العبدالله سفيرنا في تركيا وكنت أعلم بأنه في إجازة في البحرين.

بعد ساعة اتصل بي المواطن مهللاً وقال إنه كلم سعادة السفير الذي رحب به وطلب منه الانتظار ليجري اتصالاته.

وبالفعل خلال نصف ساعة اتصلت به السفارة التركية وأبلغته بأن تأشيرات المرافقين جاهزة وعليهم الحضور فوراً لاستلامها.

العبر الجميلة من هذه القصة كبيرة: أولاً تبرع الأخ لأخيه بقطعة من كبده، قيام وزارة الصحة بابتعاث المريض مع المتبرعين والمرافقين على نفقة الدولة رغم الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والأهم من كل ذلك ما قام به سعادة السفير الدكتور العبدالله وهو في إجازته ودون أي علم أو توصية، حتى مني، ودون طلب من وزارة الخارجية أو أي جهة، بالتصرف وإجراء اتصالاته الشخصية لتأمين إصدار التأشيرات وفي وقت قياسي رغم أن الوقت كان مساء والسفارة التركية مغلقة.

هذه هي البحرين وهذا هو البحريني الذي نفتخر به، الطيبة والفزعة والأسرة الواحدة. هذا ما تعلمناه نحن كسفراء من سيدي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه بأن نكون دائماً في خدمة المواطن أينما كان وفي كل الأوقات.

أروي هذه القصة التي لا يعلم بها أحد، لكي نوفي الدولة حقها ممثلة بوزارة الصحة على رعايتها للمواطنين بدون أي تمييز، ونوفي سعادة السفير العبدالله حقه من الشكر على جهوده الطيبة، ولكي نعرف أن البحرين بألف ألف خير ولله الحمد» انتهى.

النظام السياسي الذي تمت فيه هذه القصة نظام يفتخر به ويشاد به ويحق للمواطن الذي يعيش تحت ظله أن يحمدالله ويشكره، تلك ليست تصرفات فردية من مسؤول في الصحة أو مسؤول في الخارجية أدوا واجبهم بأمانة يشكرون عليها فحسب، بل هو «نظام» منح كل هذه التسهيلات، وتحمل جميع تلك الأعباء والتكلفة، وأعطى مرونة للمسؤولين والموظفين كي يستفيد المواطن في النهاية من صلاحياتهم وسلطاتهم ويعيش مرتاحاً.. حدثني عن حقوق الإنسان هنا، وحدثني عن إدارة الدولة.

* ملاحظة:

ليتنا نعرف كيف نسوق أنفسنا درامياً لأغنتنا هذه الحكاية وهذا السيناريو عن ألف مقال وعن ألف محاضرة ورد رسمي بارد جامد لا يقرؤه أحد.