لا تعتبر المجتمعات الخليجية من المجتمعات التي تعاني من تجذر الكراهية، مثل المجتمعات الإفريقية، أو مجتمع السود في الولايات المتحدة أو الغرب نتيجة الاضطهاد التاريخي وظروفه. بل هي مجتمعات منفتحة، والزينوفوبيا طارئة عليها بالتأكيد.

حتى نفهم ما يجري الآن من تصاعد خطاب الكراهية ضد الأجانب خلال جائحة «كورونا»، من المهم تتبع تاريخ تطور خطاب الكراهية في مجتمعات الخليج العربي. وهو تطور تم على مرحلتين أساسيتين:

ـ المرحلة الأولى: من الثلاثينات إلى السبعينات في القرن العشرين، وكان المستهدف بالكراهية ما يسمى حينها بـ «الاستعمار البريطاني»، فعندما انتشر التعليم، وارتفع مستوى الوعي ظهرت موجة الكراهية الأولى التي طالبت بطرد «المستعمر» والاستقلال.

ـ المرحلة الثانية: من سبعينات القرن العشرين حتى العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهي مرحلة تذبذبت فيها الكراهية تجاه العديد من القوى السياسية، فتارة تتم كراهية اليساريين، أو الليبراليين، وانتهت المرحلة بكراهية الثيوقراطية الدينية ومنتسبي جماعاتها.

في المرحلتين السابقتين، لم نجد كراهية طبيعية ممتدة تجاه الأجانب، ولم تظهر الزينوفوبيا إلا في حالات نادرة لها مسبباتها وظروفها، كما هو الحال في سيطرة بعض الأجانب على قطاعات اقتصادية في بعض الدول الخليجية، أو ظروف ما حدث عقب غزو الكويت عام 1991، لكن تلك الأحداث طارئة، ولها أبعاد أخرى، وجميعها في المرحلة الثانية من تاريخ تطور الكراهية الخليجية.

إضافة إلى ذلك فإن مستوى الكراهية الخليجية بين مكونات المجتمع الواحد بعضها بعضاً كانت محدودة إلى حد ما، وعندما تصاعدت كانت نتيجة عوامل خارجية بالدرجة الأولى، كما حدث في مجتمع البحرين مثلاً عام 2011، وتراجع خلال الأعوام الأخرى سريعاً. وهذا النوع من الكراهية يتسم بالسرعة، لذلك نجده يختفي بسرعة، لأنه طارئ، ولا يتناسب مع طبيعة المجتمع الخليجي الذي يتسم بالتعايش وقبول الآخر والانفتاح وعدم التعصب.

إثر هذا التسلسل التاريخي، فإن الكراهية المتصاعدة حالياً تجاه الأجانب هي بداية مرحلة جديدة من تطور الكراهية الخليجية، نتطلع لأن تكون طارئة وتنتهي قريباً رغم أهمية أبعادها إستراتيجياً.